TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: دَرس تشرين

العمود الثامن: دَرس تشرين

نشر في: 1 أكتوبر, 2023: 10:29 م

 علي حسين

من وسط عتمة خطابات الإصلاح والتوازن، وألاعيب الغرف المغلقة ووسط غبار المؤتمرات التي لا تغني ولا تسمن، وفي ظل مخطط للقضاء على المتظاهرين، نهض شباب عراقيون ناصعو الضمير، يتحدثون فتصدقهم الناس، فتنبعث الانتفاضة من سكونها على نحو أوسع وأجمل وأكثر إصراراً على انتزاع الحق، وملامسة المستحيل، والإصرار على تحقيق الحلم، بالكنس الشامل لكل انتهازيي السلطة.

منذ انطلاق الاحتجاجات في الاول من تشرين الأول عام 2019 وأحزاب السلطة، ظلت تردد أن المحتجين عملاء يريدون خراب البلاد، وسعت إلى شيطنة الاحتجاجات، وخرج ناطق الحكومة عبد الكريم خلف ليعلن أمام الفضائيات أن التظاهرات تمولها أمريكا وحليفتها الصهيونية وأن الذي سرق أموال العراقيين وأشاع الطائفية والمحاصصة وباع المناصب إنما هم الشباب المعتصمون في ساحات الاحتجاج، وأن تحرير ساحة التحرير والحبوبي وساحات البصرة والديوانية والمثنى بات مقدماً على تحرير العراق من الفساد والانتهازية، وأن فرض الهيمنة الكاملة على العراقيين له الأسبقية على تأمين مستقبل الشعب والخروج به إلى بر الأمان.

تشرين 2019 كان بمثابة الانتفاضة الشعبية التي اختطف شعلتها شباب بعمر الزهور، هذه الشعلة المتوهجة التي تلقفتها الجماهير فتدفقت في ساحات الوطن بعد أن تصور حيتان الخراب أنهم استطاعوا أن يحاصروا روح الاحتجاج والرفض في نفوس العراقيين، حيث قدموا لنا الدرس البليغ بالدفاع عن الحق والتمسك به والاستشهاد من أجله.

في مقابل إصرار الشباب على التغيير الحقيقي، كان هناك صراخ السلطة وأحزابها وحالة التلعثم والارتباك والتخبط التى هيمنت على الخطاب الرسمي بشأن مقتل أكثر من 700 متظاهر، ولم يهتم أحد بكشف غموض ما جرى في ساحات الاحتجاجات، وهل فعلاً كما ذكرالسادة الناطقون أنها معركة بين مجاميع خارجة على القانون؟

منذ سنوات ونحن نتحدث عن المؤامرة الكونية التي تلاحقنا ، ونكاد ننشغل كل يوم في مغامرات التحليل السياسي ،لكن يسادة : من أوصلنا إلى مشهد قتل شباب أبرياء في ذي قار والبصرة وميسان وكربلاء والنجف؟، ومن قبله مشاهد مطاردة المتظاهرين في أحياء بغداد؟.. لماذا ننسى أن خطابات أحزابنا تعلمنا كل يوم أن لاشيء أمضى وأنفع من طعنة نجلاء في أجساد من لا يؤمنون بالديمقراطية التحاصصية ؟

من كان يصر على حرق خيم المعتصمين وخطفهم؟.. هل تدرون أنه في كل قضايا القتل والاختطاف.. لم يُحاسب المتسببون، لأن التقارير الرسمية، تنكر كل ما يقال عن هذا الموضوع ؟!

الرغبة الأولى التي تبديها أحزاب السلطة، هي أنهم يخوضون حروبهم في كل اتجاه. وفي كل مرة نراهم يصفّقون بالإجماع لكل قرار يزيد الفرقة ويبث الكراهية في النفوس، كم هو أمر مثير للأسى أن يصر البعض على أن أماكن الاحتجاجات تحولت إلى بؤر للرذيلة والعهر كما صرح المؤمن عزت الشابندر ذات يوم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

التعليم العالي في العراق.. شهادات من الواقع

العمود الثامن: في ذكرى المتسامح الأكبر

العمود الثامن: أنا أسف

تشريع ما لا يجوز تشريعه

العمود الثامن: لماذا لا يتقاعدون؟

العمود الثامن: لماذا لا يتقاعدون؟

 علي حسين تجلس أمام التلفزيون في انتظار أن تسمع خبراً مفرحاً يُبشرنا أصحابه أنّهم قرروا أخيرا أن يتقاعدوا، ويعترفوا أن ابتعادهم سيسهم في إعادة الاستقرار إلى البلاد، فتجد بدلاً من ذلك مطولات في...
علي حسين

ظاهرة ترامب

د. فالح الحمـــراني كان العالم يتطلع الى ظهور قيادات سياسية قوية تضع حدا لتفكك النظام الدولي بمجمله: الأمني والاقتصادي والقيمي، وتفكك المجتمعات، وهشاشة العلاقات الدولية، والنزاعات التي تحولت الى مجازر بشرية غير مسبوقة، لقد...
د. فالح الحمراني

معامل التأثير والدوريات الوهمية: أزمة النشر الأكاديمي في العراق

د. طلال ناظم الزهيري الزمان: عام 2001. المكان: العاصمة الهنغارية (بودابست). الحدث: مبادرة بودابست للوصول الحر. تلك المبادرة التي وقع عليها أكثر من 6000 باحث و800 منظمة عالمية، لتنهي عصر احتكار دور النشر العالمية...
د. طلال ناظم الزهيري

العلاقات الروسية السورية.. أبعاد تاريخية واستراتيجية لسوريا الموحدة

رامي الشاعر أفضت المحادثات الروسية السورية التي تمخضت عن زيارة وفد روسي إلى دمشق برئاسة الممثل الخاص لرئيس الاتحاد الروسي، نائب وزير الخارجية ميخائيل بغدانوف إلى مباحثات إيجابية وبناءة.وتركزت هذه المباحثات على أبعاد العلاقة...
رامي الشاعر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram