ثامر الهيمص
المبضع او السوق او السوق الضخم، هو متجر كبير يجمع بين سوبر ماركت ومتجر التجزئة . والنتيجة هي منشأة واسع للبيع بالتجزئة تحمل مجموعة واسعة من المنتجات تحت سقف واحد مثل خطوط البقالة الكاملة والمنتجات العامة . تتيح للمباضع من الناحية النظرية للزبائن تلبية جميع احتياجات التسوق المعتادة في رحلة واحدة. (تعريف غوغل) .
اما المرض الهولندي : ظاهرة اقتصادية تحدث عندما يؤدي ازدهار تصدير الخامات الطبيعية , مثل النفط والغاز , الى تدفق كبير للعملة الاجنبية الى البلد . هذا التدفق يزيد من الطلب على العملة المحلية، مما يؤدي الى ارتفاع قيمتها مقارنة بالعملات الاجنبية. ( المصدر السابق ) .
بتاريخ 18 /ايلول /2024, اعلنت وزارة التجارة من انها تقترب من افتتاح مراكز تسويقية جديدة في بغداد تعمل وفق نظام الهايبر ماركت (تنافس القطاع الخاص) وتكون مدعومة بنسبة تصل 20% عن السوق المحلية. ويشمل مشروع الهايبر ماركت بيع المواد الغذائية والاستهلاكية والمنزلية والاجهزة الكهربائية والالكترونية وكذلك بيع اللحوم، مع وجود مخابز وصيدليات ومستلزمات اخرى . (جريدة الصباح) . ومن المزمع فتح فروع في الناصرية وكربلاء بالإضافة لفروع بغداد.
وفي ذات اليوم تعلن وزرارة التجارة: الحكومة تنظم مؤتمرا وطنيا لدعم القطاع الخاص , في الخامس من الشهر المقبل , بحضور جهات محلية ودولية كبيرة , وشخصيات من القطاع الخاص والاتحادات والنقابات .
في هذه الحالة وزارة التجارة تدعم القطاع الخاص وفي الاولى تنافسه ب 20% في عالم الهايبر الرسمي؟؟ ربما نحتاج إلى مداخلة نظرية في هذا التقاطع، كونه ليس تكاملا بكل الاحوال بين القطاعين العام والخاص. لنضع التساؤلات. ادناه : هل هذا عدم التناغم من نتائج المرض الهولندي ؟ هل المرحلة الانتقالية من الاقتصاد المركزي الى اليبرالي المنفلت، تقتضي ما تقدم بعد فجر اللبرالية العراقية بعد 2003 ؟ هل رد الفعل الرسمي من خلال المؤتمر المزمع عقده او الهايبر المتوقع نشرة خلال هذا العام , يأتي وفق متبنيات إستراتيجية 2024--- 2028 ام من خلال وزارة التخطيط مراقبة ومتابعة؟ وما هو موقف وزاراتي القطاعين الزراعي والصناعي اكبر المتضررين من المرض الهولندي والعولمة التجارية؟ هل تم استعراض التجارب ذات العلاقة في بلدنا لترسم هذه السياسات، سواء من تجربة القطاع المختلط او التعاونيات الاستهلاكية او تجربة استيراد السيارات في بدايات الفجر اللبرالي كتجربة نجحت، واغتيلت مع الأسف ، حيث تكامل القطاعين العام والخاص في جلب السيارة مع ادواتها الاحتياطية والصيانة .
فقد تعاظم الاستيراد مستجيبا لموجبات المرض الهولندي الذي امتص زخم الفورة النفطية بحيث بات إنتاج اي منتج محلي اكثر كلفة من اي مستورد من المناشئ الرئيسة الثلاثة الصين تركيه ايران , لأسباب ليست بالضرورة كلها هولندية , بل كان ولازال الدعم الرسمي للمنتج المحلي دون الحد الادنى مثلا في الكهرباء , ثم تجنب دوائر الدولة الشراء المحلي والشكوى عامة من الجهات الرسمية المصنعة اجمالا , حيث تفضل الدوائر الرسمية الاستيراد بحجة السعر العراقي المتضخم هولنديا اولا وعنصر الجودة باعتبار المستورد اعرق واجود , ناهيك عن سلاسة التعامل مع الاجنبي التي يسيل لها لعاب كثير .
على كل حال كان ولا زال الخلل الاساس ناجم عن فوضى اللبرالية التي جاءت في مرحلة حساسة، لا يعنيها الظرف المناسب موضوعيا لانضاج تجربة معينة، تحصل لأول مرة، وكانت الصدمة.
فسياسة تدخل البنك المركزي في سوق النقد لفرض الاستقرار في سعر صرف الدينار العراقي اصبحت مرتبطة بشدة التركز التجاري الخارجي للقطاع التجاري الخاص وفي نطاق التوليد التجاري الاقليمي وان كانت المناشئ التجارية للبضائع الموردة من أطراف العالم ونهاياته. وبهذا، فأن التجارة الاقليمية باتت المصدر المولد للقيمة المضافة وتحويل الفوائض من السوق الوطنية الى السوق الاقليمية، ترافقها جالية عراقية تجارية مقيمة واسعة، تتعايش مع تلك المسالك التجارية الاقليمية , وادوات فاعلة وفعالة في تحويل الفوائض والاحتياطات التي تتعاظم مع مستوى احتياجات اسواق تلك البلدان اليها عبر منفذ سياسة الباب المفتوح والحرية الاقتصادية للعراق المتجهة الى الخارج والمنكفئة نحو الداخل , لتغادر التنمية وتعمل على توليد القيمة المضافة خارج الحدود . ( د. مظهر محمد صالح /الاقتصاد الريعي المركزي ومأزق انفلات السوق / ص34و35/ بغداد 2013 ) .
من المؤكد ان التشخيص أعلاه، لا زال ماثلا متفاقما لان الباب لا زال مفتوحا، كما انه وفي نفس الوقت لا يعني اننا سنمضي كذلك، وهذا ما يشجع لحد ما ان ثتار قضية الباب المفتوح مجددا للأمل الذي يلوح في الافق. وغلق الباب ليس هينا، ولكن ليس مستحيلا، على الاقل في ضوء النتائج لأكثر من عشرين عاما. فلا بد ان تتغير قواعد اللعبة، ومن خلال مفتاحها الرئيس وهو التجارة الخارجية، كونها تفتقر لعملية التبادل التجاري على أصوله وترابطه تنمويا مباشرة، وليس عبر تبادل تجاري عقيم , وكأننا امام برنامج النفط مقابل الغذاء والدواء , اذ الطرف الخارج من اللعبة هو التنمية .
هنا والكلام موجة للقائمين بالاعداد للمؤتمر حول القطاع الخاص ودعمه، رغم انه مدعوم عمليا من خلال مقاولة تجهيز الهايبر ماركت الرسمي ب 20% لصالح المستورد المقاول الذي يجهز اسواق وزارة التجارة , ولكن يبقى الباب مفتوحا مع مساهمة ديكورية فولوكفورية في تسويق المنتج المحلي , كون مولات القطاع الخاص لا يعني لها المنتج المحلي , حيث الجدوى الاقتصادية خالية من دسم التحويل الخارجي بعد غسله من جميع جوانبه . بكل الاحوال الباب مفتوح للتحويل الخارجي وهو سيد الموقف زاجرا هازئا من التنمية وطريقها الذي نحن على أبوابه. إننا امام استيراد سيدا للمواقف عائقا لكل ما نسميه المنتج الوطني، وان يحصل فأيضا بعد لي رقبته من خلال الهايبر لتصبح الأسواق المركزية رائدة لاستيراد احتياجاتنا المدعومة من الدولة لصالح المتعهد والمواطن الذي سيتمتع ببضاعة اجنبية مخفضة بنسبة خمس عن بضاعة المولات المعدة للنخب والدرجات الخاصة والدرجات العليا في السلم الوظيفي واقرانهم من اثرياء ما قبل وما بعد 2003 .
يبقى السؤال شاخصا , هل تستورد وزارة التجارة مباشرة وحسب الاسلوب القديم بفتح اعتماد لكي نستورد عناصر البطاقة التموينية ؟ ام غيرها ؟ ففي الحالة الاولى وحسب سياسة الباب المفتوح مستحيلة , واذا حسب الحالة الثانية اي من خلال القطاع الخاص فهذا يعني ان بضاعتنا ردت الينا بموجب النمط اللبرالي , ونحن نتحول تدريجيا نحو التنمية المستدامة بالاعتماد على المنتج الوطني , وهنا تسكن العبرات . وهذه النزعة الاستهلاكية المصنعة الباذخة، تتقاطع كليا كحاضنة لمشروع التنمية كونها حاجزا اساسيا امام المشاريع الصغيرة والكبيرة وهي تواجه بضائع مطعون في جودتها واسعارها المحمية من دولها الاقليمية خاصة , ضمن سياسة الاغراق التجاري السائدة الان بالرسمي او بالتهريب .
اي ان الزراعة والصناعة باتتا خارج اللعبة لقلة تخصيصاتها اذ بلغ الامر ان كليهما لا يطالا ما طالته تخصيصات الاوقاف او ربما أحد اطرافها. إذن الاستيراد الاهلي سيبقى سيد الموقف رسميا من خلال الهايبرات، كما انه ليس هناك رهان على المنتج الوطني نظرا لرثاثة منتجيه امام زخم متزايد ومنافس ومنافذ ليبرالية احيانا كثيرة.
نأمل في ان يكون المؤتمر القادم لدعم القطاع الخاص، يسعى لدعم القطاع الخاص الزراعي والصناعي اولا كهدف مركزي وكرقم صعب في محتويات الهايبرات والمولات ’ لتصبح منافذ وطنية للمنتج العراقي القاعدة الاساس للتنمية المستدامة التي يوصلنا اليها طريق التنمية. والا يصبح الطريق مجرد محطة في صحراء. وهذا يعني سنراوح في خانة اعمق تدهورا من سابقتها.