ديالى / محمود الجبوري
كشفت محافظة ديالى عن ارتفاع إنتاج التمور للموسم الحالي مقارنة بالموسم الماضي، رغم المشاكل والعراقيل المتعددة. وأكد مختصون ازدهار وتوسع بساتين النخيل ذات الأصناف الجيدة باعتماد التقنيات الزراعية الحديثة.
يتذبذب إنتاج التمور في معدلاته بين الوحدات الإدارية بسبب عوامل التجريف والجفاف والظروف المناخية، إضافة إلى انخفاض وتذبذب أسعار التمور في الأسواق المحلية، رغم توجه جانب كبير من القطاع الخاص نحو تصدير التمور إلى عدة دول مجاورة وإقليمية.
ولا تزال ديالى تحتفظ بلقب «سلة العراق الغذائية» لكثرة بساتينها وأراضيها الزراعية، رغم ظروف الإرهاب والجفاف وغياب الاستقرار السياسي والأمني.
رجّح مدير زراعة ديالى، إياد ذياب الجبوري، ارتفاع إنتاج التمور للموسم الحالي إلى نحو 170-180 ألف طن، فيما بلغ إنتاج الموسم الماضي مستوى لم يصل إلى التوقعات حتى الآن.
وأكد الجبوري في حديثه لـ(المدى) توجيه المزارعين لإعادة إحياء البساتين القديمة باستخدام تقنيات حديثة وأصناف جديدة ذات مردودات اقتصادية، لتعويض بساتين النخيل التي فُقدت لأسباب عدة بمزارع نموذجية لإنتاج التمور، لاسيما الأصناف النادرة كالبرحي والبريم والمجهول في عدة مناطق من المحافظة. وهذا سيسهم في إحياء واقع الزراعة في الفترة المقبلة بالمحافظة.
ورغم شكاوى مناطق عدة من ديالى بغياب المكافحة الجوية، أوضح الجبوري: «المكافحة تجري وتتم عند ظهور الآفات الزراعية في النخيل لمعالجتها وحسب المتطلبات الوقائية، ولا يمكن إعطاء الدواء للشخص السليم وهو لا يشعر بأي مرض أو خطر».
وبعكس ما أدلى به مدير زراعة ديالى، اشتكى مدير زراعة خانقين التابعة لإقليم كردستان، كاميران عبد الله، من تراجع إنتاج التمور في مناطق خانقين الخاضعة لمسؤوليته، إذ انخفض إنتاج التمور من 8000 طن خلال الموسم الماضي إلى نحو 5000 طن خلال الموسم الحالي.
وعزا عبد الله في حديثه لـ(المدى) أسباب تراجع إنتاج التمور إلى حوادث الحرائق المجهولة خلال موسم الصيف، والتغييرات المناخية والأمطار الربيعية في نيسان وأيار التي أضرت بثمار النخيل، إلى جانب عزوف وضعف الاهتمام بالبساتين من قبل المزارعين بسبب انخفاض أسعار التمور والتوجه نحو الاستيراد العشوائي للتمور، مستغرباً من تصدير تمور عراقية بأسعار زهيدة وإعادتها إلينا مُصدَّرة بأسعار مرتفعة وسط إقبال شديد عليها وتجاهل المنتج المحلي.
وأشار عبد الله إلى تناقص أعداد أشجار النخيل خلال السنوات الأخيرة من 100 ألف إلى 60 ألف نخلة بسبب أعمال تجريف البساتين وتحويلها إلى قطع أراضٍ سكنية، لافتاً إلى تحول بساتين نخيل في إحدى المناطق إلى 3 أحياء سكنية بسبب التجريف.
وأحصى عبد الله مساحات بساتين النخيل في خانقين بأكثر من 2700 دونم، فيما بلغت مساحة بساتين النخيل المتضررة نحو 80 ألف دونم.
وبحسب الإحصائيات الزراعية، فإن أكثر من 60 بستاناً في خانقين تعرضت للتجريف وتحويلها إلى أراضٍ سكنية لمنافع مادية.
وعن تسويق تمور خانقين، أوضح عبد الله أن تمور خانقين تُسوَّق إلى إقليم كردستان، وتلقى إقبالاً كبيراً في محافظات أربيل والسليمانية ومناطق في قضاءي كلار ودربندخان.
بهجت علي هواس، صاحب مزارع «الأمير» في ديالى لإنتاج أشجار النخيل ذات الأصناف المتميزة والباهظة، والتي تعد أكبر مزارع إنتاج فسائل النخيل في ديالى وعدة محافظات، أكد أن الإقبال على زراعة الأصناف القديمة من التمور (الزهدي والخستاوي) تلاشى بشكل كبير، وتوجه المزارعون لإحياء وتشييد بساتين النخيل ذات الأصناف المتميزة وذات الجدوى الاقتصادية العالية.
وأكد هواس في حديثه لـ(المدى) ولادة أكثر من 100 بستان للتمور النادرة في ديالى والمحافظات الأخرى من رحم تجربة مزارع «الأمير» النموذجية، وباعتماد التقنيات الزراعية الحديثة والري بالتنقيط لترشيد استهلاك المياه ومواجهة عوامل الجفاف وانخفاض الإيرادات المائية، مشيراً إلى تزايد أصناف التمور في ديالى من 15 إلى 23 صنفاً ذات جودة عالية، وأبرزها المجهول والبرحي والشيشي وإخلاص وعجوة المدينة وأصناف أخرى متعددة.
وأحصى هواس أسعار التمور النادرة المتميزة إلى 15 مليون دينار للطن الواحد من تمر «المجهول»، و3-4 ملايين دينار للطن الواحد من تمر «المكتوم»، فيما لا تتجاوز أسعار تمر «الزهدي» 300-400 ألف دينار للطن الواحد.
وأضاف: «تجربة مزرعة الأمير أحيت النخيل في العراق بوجه جديد وجودة لا تُضاهى عالمياً على مدار 15 عاماً من عمر المزرعة».
بدوره، نبه قائممقام بعقوبة، عبد الله الحيالي، إلى أن «بعض المزارعين يتعمدون حرائق بساتين النخيل سعياً لتعويضها إلى أراضٍ سكنية في ظل ارتفاع أسعار العقارات والأملاك بشكل كبير في ديالى».
ولفت الحيالي في حديثه لـ(المدى) إلى إقامة دعاوى قضائية ضد عشرات المزارعين في بعقوبة بسبب أعمال التجريف، وإحالة أكثر من 1000 مزارع إلى المحاكم المختصة بسبب التعمد في تجريف البساتين والأراضي الزراعية.
ودعا الحيالي الحكومة إلى فرض إجراءات عقابية صارمة ورادعة بحق المزارعين الذين يتعمدون إتلاف الغطاء النباتي أو تدمير البساتين للحصول على مكاسب مادية وعقارية بدلاً من إيرادات البساتين، مستدركاً: «إيرادات البساتين تضاءلت وأصبحت رمزية مقارنة بأسواق العقارات خلال السنوات الأخيرة».
أبو عمار، 62 عاماً، صاحب معمل لمنتجات التمور، أكد تذبذب أسعار التمور طوال الموسم الصيفي والشتوي، ما أضر كثيراً بأصحاب معامل التمور والمسوقين.
وبين أبو عمار في حديثه لـ(المدى) أن أسعار تمر «الزهدي»، المعتمد في جميع المعامل، تتراوح من 300 إلى 500 ألف دينار، وأحياناً ترتفع فوق هذه المعدلات، وتسبب لنا أضراراً وخسائر كبيرة.
وتابع حديثه: «إن بعض التجار وأصحاب (علاوي التمور) توجهوا لتصدير التمور إلى دول مجاورة لتعويض خسائر تذبذب الأسعار وعدم الاستقرار الاقتصادي في أسواق التمور».