ماذا بشأن إيران؟
استفاقت الأمانة العامة لمجلس الوزراء فجأة، لتكتشف ان تركيا تتدخل يالشأن العراقي وأن مواقفها غير ودّية وتتجاوز على العراق ووجهت حسب كتاب رسمي نشرته "المدى" أمس برفض قبول الدعوات من السفارة التركية،بل وعدم التعامل مع رجال أعمال أتراك، علماً وبحسب البيانات الرسمية، ان تركيا هي الشريك الاقتصادي الثاني للعراق بعد ايران، إذ وصل حجم تجارتهما الثنائية عام 2011 الى 11 مليار دولار وقفز بنسبة 50% عن عام 2010، وما زال النفط العراقي يصدر من ميناء جيهان التركي، كما ان مصادر مياهنا بيــد تركيا وهي مشكلة صاعدة نازلة منذ سنوات طوال..السؤال هو:
أين تكمن مصلحة العراق في مثل هذا الإجراء؟
سنترك الإجابة على السؤال ونطرح سؤالاً مغايراً:
هل تركيا وحدها التي تتدخل بالشأن العراقي بمواقف غير ودّية؟
الجواب: إن العراق ساحة واسعة ومفتوحة لكل أشكال التدخلات من دول الجوار وغير الجوار وحتى من جزر الهاواي بفعل سياسيينا الأشاوس الذين لا يتركون مناسبة ولا فرصة في أي اشكال إلا وحملوا حقائبهم الى عواصم الجوار استنجاداً وطلباً للمعونة واستقواءً على " الخصوم " وفي مثل هذه الارض الرخوة تتفتح شهية الآخرين لدس أُنوفهم بشؤوننا الداخلية حد العظم.
كم كنـا سنكون سعداء لو ان الأمانة العامة لمجلس الوزراء اتخذت موقفاً مماثلا من التدخلات الايرانية بما فيها الاشارات والمعلومات عن أيديها في أعمال العنف وتهريب السلاح الى العراق، ولكي لا نقلب المواجع ونكرر الكلام.. نقول: لماذا لم تستفق هذه الامانة المباركة والوطنية على صرخات أهالي خانقين احتجاجاً على قطع السلطات الايرانية لمياه نهر الونـد منذ ثمانين يوما، ما أدى هذا الإجراء التعسفي الى هجرة الكثير من العوائل التي تعتاش على مياه هذا النهر الى أماكن أخرى.. هذه اصوات لا تسمعها الأمانة، كما انها لم تسمع بقرار لجنة تنسيقية للاحزاب والتيارات السياسية في محافظة ديالى بتشكيل وفـد سياسي لزيارة إيران وبحث ملف انقطاع مياه نهر الونـد عن المحافظة، لأن هذا الانقطاع ألحق أضراراً بالغة في القطاعات الحيوية، ولم تسمع الامانة بتصريحات المتحدث الإعلامي باسم اللجنة جمال شاكر من أن" الوفد سيبحث ملف نهر الونـد مع السلطات الإيرانية وبيان أسباب قيامها بقطع مياه النهر لأشهر طوال عن قضاء خانقين "، مضيفا أن "ذلك أدى إلى إلحاق أضرار بالغة في قطاعات حيوية عـدة أبرزها الزراعة"، لافتاً إلى أن "الوفد سيقف على حقيقة مجريات الملف من اجل إعطاء صورة واضحة للرأي العام عن ملابسات انقطاع مياه النهر".
وكانت قائممقامية قضاء خانقين في محافظة ديالى قد أكدت في 6 تشرين الأول 2012 أن السلطات الإيرانية قطعت مياه نهر الوند بشكل كامل منذ 80 يوما، داعية الحكومة العراقية إلى إيجاد حل واقعي لمشكلة هذا النهر ومنع إيران من الاستمرار بعمليات القطع.
وعانى أهالي البصرة من المواقف "الودّية" جداً من الجارة المباركة ايران بسبب تلويثها مياه نهر الكارون الداخلة الى العراق بمخلفاتها الصناعية والتسبب بكارثة بيئية بارتفاع نسب الملوحة في النهر!
سنترك الكلام لتقرير حكومي منذ نهاية عام 2010 الذي "حذر من أن مياه البزل الايرانية تقترب من حقل مجنون، فضلاً عن أن مياه البزل المالحة هذه تجتاح أيضاً منطقة الحرب العراقية - الايرانية قرب البصرة وتهدد بكسر السواتر الترابية المقامة هناك وإلحاق أضرار يصعب تقديرها بتلك المنطقة الحيوية، فضلاً عن نفوق الأسماك والحيوانات البحرية." انتهى النص الحكومي!!
ألا يعــدّ هذا الموقف غير ودي ومضر بمصالح الشعب العراقي؟
مع ايران استمرار التحرك الدبلوماسي ومع تركيا ما يُشبه التحرك لمقاطعة اقتصادية.. هل الموضوع له علاقة بمواقف غير وديّة من تركيا أم ان زيارة وزير الخارجية التركي الى كركوك أثارت ما أثارت من عقلية الحكومة؟ كم عدد المرّات التي جال وصال فيها السفير الايراني في بغداد والتقلى بمن التقى بما في ذلك منظمات مجتمع مدني وصرح في امور كانت في صلب السيادة العراقية الناقصة سابقاً والكاملة حالياً؟!
نتمنى أن تستفيق الامانة العامة على كل اشكال التدخلات وتتخذ موقفاً وطنياً منها بقدر الضرر الواقع علينا، لا أن تنتقي فتفتح عيناً هنا وتغلقها هناك وينطبق عليها ما قاله الشاعر " عينُ المحب عن كل عيبٍ كليلة!
عمود كتابة على الحيطان عدد(2618)
[post-views]
نشر في: 10 أكتوبر, 2012: 07:06 م