علي حسين
بعد ان قررت وزارة الداخلية ان تعلن للشعب العراقي "لائحة المحتوى الرقمي بالعراق"، اعلنت وزيرة الاتصالات ان هناك خطوة "ثورية" بإيقاف تطبيق التيك توك. وقبل ذلك اخبرتنا الوزيرة ان الشعب العراقي بحاجة لمن يضبط له اخلاقه ويأخذ بيده الى طريق الفضيلة.
منذ عقود وهذا الشعب يتعرض الى سيف الممنوعات، والجميع يسعى لتحويل المواطن إلى مجرد كائن "لا يرى.. لا يسمع.. لا يتكلم"، كائن منتهى حلمه الحصول أن تسمح الجهات الرسمية بأن تتجول الناس داخل صفحات الفيسبوك او موقع اكس ، وقبل هذا ان يحذر من المدعو( TikTok ) لأنه يشجع على الانحلال والفساد كما يصر السادة القائمون على شؤون الاتصالات في بلاد الرافدين.
هنا تصبح شعارات مثل الحرية والديمقراطية والتغيير وحقوق الإنسان، مجرد مفردات تلاحق من يرددها وتنعته بالمخرِّب، إن لم تلصق به العبارة الشهيرة "أجندات أجنبية"، في ذلك تصبح مأساة شباب الاحتجاجات لأنهم تظاهروا من أجل المطالبة بأبسط حقوق الإنسان، من حياة كريمة وخدمات أسوة بما تتمتع به المنطقة الخضراء ومنازل المسؤولين، نموذجاً واضحاً على أنّ الإنسان العراقي مجرّد رقم يُستخدم أحياناً في الانتخابات، وأحياناً كثيرة ينقل إلى سجل الموتى.
كان من السهل على السادة الذين يرفعون سيف المنع في وجوه الناس أن يوضحوا للمواطن حقوقه في العدالة الاجتماعية والأمان الصحي والتعليم الجيد، والسكن اللائق، وأن يشرحوا لنا أن المهم هو السعي لبناء العراق كدولة للحرية والكرامة الإنسانية والديمقراطية، بلا وضع فقرات في قانون المحتوى الرقمي تعاقب كل من تسوِّل له نفسه "الإساءة إلى الدولة أو السلطات العامة فيها أو الأشخاص الطبيعية والمعنوية في العراق" وإذا كان من حق الأجهزة الأمنية أن تحاسب من يسيء إلى كيان الدولة، فأعتقد أنه من المضحك منع الناس من الحديث عن فساد المسؤولين وامتنيازات النواب.
والعجيب والغريب أنه من أجل حماية العملية السياسية العرجاء، استباحت الجهات الحكومية ومعها خبراؤها الأشاوس كل شيء، فبعد الاصرار على قانون حرية التعبير داخل قبة البرلمان، جاء الدور على التصدّي لمواقع التواصل، لأن المسؤولين انتابتهم حالة الرعب، من أنّ الفيسبوك ينقل بالصوت والصورة ما يجري داخل بلاد الرافدين.
ونحن نتابع اخبار وزيرة الاتصالات، قرأنا في خبر يقول إن دولة الامارات حققت رقمًا قياسيا في مجال الاتصالات وتقديم خدمة الانترنت الى المواطنين، تفوقت في هذا المجال على كوريا الجنوبية، والصين.
للأسف بعد 21 سنة من التغيير يريدون للمواطن ان يدرك أن حرية التعبير محكومة بمفاهيم الطبقة السياسية التي تريد فرض قناعاتها على جميع العراقيين، ومن يخرج عنها يطرد من جنة الديمقراطية العراقية.