طالب عبد العزيز
على شاشة حاسوبي(اللابتوب) ثلاثة أعمال شبه جاهزة، كتاب شعر، وآخر مختارات شعرية، وكتاب في السرد(مذكرات) لكنَّ الرغبة في النشر معدومة بالتمام، لدي شعور بلا جدوى الأشياء كلها، بما فيها الحياة... هذا السلوك المتوحش والمتجبر يسلبنا ما لا نملك غير كلمة الجمال، يمرِّغ انسانيتنا، ساعة اثر أخرى، في أجمل الأماكن، وأكثرها(أمناً) وحيث نوجد، إذْ لا وجود لكرامة فيه، ولا قيمة لمسعى نجتهد بالوصول اليه، والانسان فينا يسير بخطى مرعبة نحو هاويته، ومن لا يدرك ذلك فقد أوتيَ نصيباً من الج
قد يبدو أنَّنا نقصد سلوك الرئيس الأمريكي ترامب وحليفه نتنياهو وما يحدث في غزة، وهو قطعاً سلوك وحشيٌّ وإجراميٌّ، وأكثر إجراماً منه هو صمت العالم(المتحضر) فهذا الرئيس الفرنسي ماكرون في العريش، مع ملك الأردن، والرئيس المصري، حيث لا تبعد غزة أكثر من 50 كلم. الآن، يسمع (ماكرون) صوت القنابل التي يسقطها الطيّارون الاسرائيليون من طائراته، لكنَّ، ما يحدثُ في محيطنا القريب، العراقيّ، لا يقلُّ وحشيةً عن ذلك. الوحشية هنا لا بمعنى أنْ تكون شريكا في الفعل الجرميّ (الوحشي) إنّما هي أنْ تكون غير معنيٍّ بما يحدث حولك. ما حدث للمهندس بشير في مركز التوقيف، يرشدنا الى وحشية ضابط الشرطة الكبير والمسؤول عن الحياة، قبل وحشية الإنسان الموقوف في المركز، وصورة المتظاهر في مدينة الناصرية المضرج بدمه تحيلنا الى حجم الضواري التي في أرواح الذين يمسكون بمفصل الامن.
كلُّ أجهزتنا الأمنية متهمة بمقتل المهندس، بل كل مسؤول عراقي متهم في قضيته، وبيان وزارة الداخلية الذي يقول بأنَّ الشرطة ليسوا ملائكة، اعتراف خطير يؤكد كلمتنا. كلنا، نحن الذين مازلنا أحياء، وفوق السبعين عاماً عشنا جور الأجهزة الأمنية، في زمن النظام السابق، بل ليس بيننا من لم يقف على واحدة أو اثنتين وأكثر من جرائمة، لكننا، نشهد اليوم ما تفعله ذات الأجهزة بأبنائنا، وأحفادنا، فالويل كل الويل لمن يقع في قبضتهم، مجرماً كان أم بريئاً. الغريب في قضية الامن العراقية هو أنَّ الأجهزة التي تلاحق الجريمة المجتمعية، وتتصدى لتجارة المخدرات، والفساد المالي، وتعمل على سلامة الفرد(إن كانت لا تعمل على سلبه) هي ذاتها التي تعمل على قمع الأصوات التي تنادي بالحر
يكون رجال الشرطة ملائكة عندما يكون القانون رادعاً لكل منتسب، ويكونون الشرطيون ملائكة حين لا ينتسبوا مزكّين من أحد الأحزاب والفصائل المسلحة، ويكون الشرطي ملاكاً حين تكون حياته وكرامة اسرته ومستقبله مانعة له عن أخذ الرشى، والإتاوات، وترهيب البريئ، ويكون الشرطي ملاكاً حين لا يخشى القاضي بأساً من الحزب الذي رشحه. ليس بين العراقيين من لا يظنُّ بالشرطيِّ ظنَّ السوء، وهذه الصورة لازمة عندهم منذ تأسيس الشرطة العراقية على يد الإنجليزي السير بيرسي كوكس، والتي ظلت على قبحها طوال الحكم الملكي، وحتى نهاية نظام صدام حسين والبعثيين، بسبب أنَّها جهاز بنيَّ على حماية النظام لا المواطن. كان الشرطي ملكياً وجمهوريّاً وقوميّاً وبعثيّاً يوم كانت الدولة ذات صبغة واحدة، وخاضعة لملك ورئيس وحزب واحد لكنها اليوم وفي ظل تعدد الرموز والشخصيات والأحزاب والفصائل والمليشيات.. وكلهم قويٌّ ونافذ صارت الأسوأ والأخطر، وما نهايات الذين غُيّبوا وقتلوا وماتوا في السجون السرية والمعلنة إلا نتيجة لهذا التزواج بين الشرطة وهؤلاء.
في العراق، لن نكون معنيين بتوحش العالم من حولنا لأنَّ وحوشَنا فينا، ضواري بني جلدتنا تنشب مخالبها في لحمنا والله. سقط القذافي، وبن علي، و صدام حسين، وبشار الأسد لأنهم كانوا متوحشين في شعوبهم، مجرمين بحقهم، وسيسقط حكامنا (المتحضرين) لأنّهم لا يريدون أنْ يعترفوا بتوحشهم، وسيسقط الكون لأنني لا أجد الجدوى في نشر كتاب واحد هزمتني فيه مفردة الجمال.