TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: قوات سحل الشعب

العمود الثامن: قوات سحل الشعب

نشر في: 9 إبريل, 2025: 12:06 ص

 علي حسين

فضّ تظاهرات الكوادر التعليمية في محافظة ذي قار بإطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع ومطاردة المتظاهرين في الشوارع ، أُسلوب يفتقر إلى أدنى أساس أخلاقي أو سياسي، فالتظاهر والاحتجاج حقّ تكفله القوانين ومواثيق حقوق الإنسان، ومن ثم يجب عدم النظر إلى المتظاهرين على أنهم أعداء للدولة والمجتمع، بل مواطنون لديهم مطالب ويملؤهم غضب واحتجاج على إجراءات بعينها، فيعبّرون عنها بالتظاهر والاحتجاج.
غير أنّ الأبشع من خيار فض التظاهر بالعنف ومشاهد الدماء التي ملأت وجوه بعض المعلمات، أن تصمت الدولة برئاساتها الثلاثة، مثلما صمتت على جريمة قتل مواطن في مركز شرطة لانه تجرأ واشتكى من تجبر ضابط كبير، والأقسى أن يصمت البرلمان، وتضع الاحزاب السياسية رأسها في الرمال، ياسادة ما جرى كارثة تسقط بها حكومات، فحين تسمح الدولة للقوات الامنية ان تتصرف خارج القانون، وتصرّ على أن تمارس الحسم والقسوة ضد متظاهرين عزّل، لكنها تصمت حين يتعلّق الأمر بالمافيات المسلّحة وعصابات الجريمة المنظّمة.
كان العراقيون يأملون أن يتولى المسؤولية ساسة يعبرون بالبلاد من عصور القمع والفساد، إلى عصر الحريّات والرفاهية، وحكومة تعبر بهم من عصر الفساد والقمع إلى عصر الحريات، فوجدوا أمامهم مسؤولين يخافون أصوات المحتجّين والمتظاهرين، فيقررون استباحة دمائهم في وضح النهار.
اليوم مهم جداً أن نرسّخ مفهوم، أن دور القوات الأمنية هو حماية التظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات مادامت سلمية وفي حدود القانون، مهمة القوات الأمنية أن تحمي هؤلاء المتظاهرين حتى لو كانوا يهتفون ضد النظام السياسي .
علينا أن نغرس في أذهان جنود وضباط القوات الامنية أنّ الذي يتظاهر بصورة سلمية ليس عدّواً، ولا يمارس التجسس ضد البلاد، بل مواطن له رأي ينبغي احترامه وحمايته.
لكي نحقق شعار الجيش والشرطة في خدمة الشعب، وليس لمكافحة الشعب علينا أن نؤمن بأن مهمة القوات الأمنية هي مطاردة الإرهابيين، والسعي إلى حماية أمن الناس، وليس مطاردة المتظاهرين ومحاصرة وسائل الإعلام. وأن واجبها الحقيقي هو حماية الناس، لا الدفاع عن المسؤولين.
للاسف الكثير من مسؤولينا وساستنا لا يريد أن يقتنع بأن تغيّرا قد حصل في العراق، وأن تماثيل "قائد الحملة الإيمانية" قد أزالتها الدبابات الأميركية من الوجود، فهو مثل كثير من السياسيين والمسؤولين ينظرون إلى العالم من خلال عقولهم الضيقة، يتحدثون عن الديمقراطية من على شاشات الفضائيات، لكنهم في الخفاء يعيدون بناء جمهورية الاستبداد والخوف، يريدون أن يظل العراقيون مسلوبي الإرادة، يعيشون خائفين من الحكام. ما حدث خلال احتجاجات ذي قار وقبلها في بغداد يثبت للجميع أن الدولة لا تضع الخطط لحماية الناس، ولاتسعى إلى مطاردة الفاسدين ومحاصرتهم، وإنما خطتها الأساسية تحويل العراق إلى إمارة تحكم بصولجان احزاب الاسلام السياسي ، وإلا ماذا نسمي ما جرى تحت سمع وبصر الجميع ؟.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram