TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هل ينبغي إحراق كولبنكيان ؟

هل ينبغي إحراق كولبنكيان ؟

نشر في: 13 ديسمبر, 2013: 09:01 م

تابعت من خلال الإنترنيت والصحف نشاطات ملتقى بغداد للفن التشكيلي ، تابعته من بعيد ولم أستطع الحضور مع الأسف لارتباطي بمعرض شخصي في مكان آخر وفي نفس الوقت شاهدت بفرح افتتاح قاعة أو متحف كولبنكيان ، وكيف اجتمع الفنانون هناك بمحبة وألفة وسعادة تحيطهم الأعمال الفنية كما كان يحدث في تلك الأيام التي ذهبت بعيداً ، حين كانت هذه القاعة تضم أعظم أعمال ومقتنيات الفن العراقي وأقيمت على حيطانها أجمل المعارض الشخصية كذلك المعارض العامة التي اشترك فيها خيرة فناني العراق ورموزه الفنية .
رائعة هذه الحفاوة والألفة التي ينبغي أن تكون ، ومثار فخر هذه الخطوة الجادة في إعادة الحياة لهذه الزاوية المهمة من تاريخ ثقافتنا التشكيلية . لكن ما أثارني هو تذمر البعض ودعوتهم إلى تغيير اسم القاعة إلى اسم آخر لإحدى الشخصيات العراقية وإلغاء اسم كولبنكيان من الوجود وكأنه شخص عابر أو طارئ أخذ مكانة لا يستحقها وجلس في موضع غير موضعه ! . أذكر هنا لمن لا يعرف هذا الرجل ، أن المؤسسة التي تحمل اسمه التي استمرت بعد وفاته ، هي من بنت هذه القاعة وبأموال كولبنكيان الخاصة ، في وقت كان العراق يخلو من قاعات فنية بمواصفات مناسبة للعرض ، إذاً هو الذي بناها مثلما بنى جمعية الفنانين التشكيليين وملعب الشعب أيضاً ، حين كانت الكرة تمارس في أماكن بدائية تقريباً .
لا أفهم سر التكالب في العراق على تغيير الأسماء ، أسماء الأماكن والشوارع والمؤسسات الثقافية وحتى المدن . أعرف أن أشياءً كثيرة يمكن أن تتغير نحو الأجمل والأفضل ، لكن دون المساس أو طمس معالم لها جذورها البعيدة وإلغاء مساهمات شخصيات راسخة في الثقافة والحضارة البشرية . فهذا أمر يدعو إلى التساؤل والغرابة والشك أيضاً . هل يحتاج كولبنكيان منّا أن نحتفي به ، هو الذي يعرف العالم كله مكانته كأهم راعي فن على مر التاريخ ، وهو أيضاً من منح ضوء محبه وثروته ومقتنياته إلى الكثير من بلدان العالم ، كما فعل مع لشبونة عاصمة البرتغال ، التي أهداها متحفاً كاملاً تقدر محتوياته ببضعة مليارات الدولارات ، ومحتويات هذا المتحف كانت تعتبر أكبر مجموعة فنية يملكها شخص واحد .
هو لن يربح كثيراً عندما نذكر أسمه على باب المتحف أو القاعة ، بل نحن الذين سنربح لأننا سننتمي إلى مكانته التي يعرفها الجميع ونظهر نوايانا بالعرفان له ولما قام به . أما الأقاويل التي تقول بأنه بنى ذلك من النسبة التي كان يأخذها من نفطنا ، فهذا أمر يثير السخرية حقاً ، فهذا الرجل كان يحصل على نسبة خمسة بالمئة من أربع شركات كبرى ،منها ( بي بي ) و ( شل ) نظير مساعداته وخدماته في التوسط في شراء النفط ( ومن هنا جاء اسمه ، مستر فايف برسنت ) ، فهو إذاً لم يأخذ من نفطنا أو من حصتنا في النفط ، وكان يبني المشاريع الثقافية في كل العالم . ومن خلال تذوقه المرهف للفن واستثماره لثروته الطائلة بشكل صحيح ، فقد أشبع كل محبته وشغفه في الفن .
وأنا أزور متحفه في لشبونة ، بهرني ( كالوست كولبنكيان ) بتاريخه وأهميته وعظمته . هذا الرجل المحب للفن وصاحب الذوق اللامحدود في رفعته وتحسسه للأعمال الفنية ، هو الذي ولد ( 1869 ) في سكوتاري ( تركيا ) لعائلة أرمنية ، وقد بدأ في سن الرابعة عشرة في جمع الأعمال الفنية والاهتمام بها ، عندما اشترى بضع قطع نقدية قديمة ونادرة من أحد البازارات .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

المنافذ تحقق أكثر من 2.2 تريليون دينار إيرادات جمركية في 2025

التشكيلة الرسمية لمنتخبنا الأولمبي لمواجهة عُمان ببطولة كأس الخليج

الأمم المتحدة: 316 مليون متعاطٍ للمخدرات عالمياً

القضائية تستبعد نجم الجبوري من مقاعد نينوى الانتخابية

ثلاثة منتخبات تحجز مقاعدها مبكراً في ربع نهائي كأس العرب 2025

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

 علي حسين أبحث في الأخبار ومجادلات الساسة عن موضوع لعدد اليوم ، وربما عن فكرة أقنع بها القارئ المحاصر بقطع الطرق والأرزاق، وبالعيش في مدن مثل حقول الألغام، شعارها التمييز، ومنهجها الإقصاء، ودليلها...
علي حسين

قناديل: حين استيقظ العراقي ولم يجد العالم

 لطفية الدليمي لعلّ بعض القرّاء مازالوا يذكرون أحد فصول كتاب اللغة الإنكليزية للصف السادس الإعدادي. تناول الفصل إيجازاً لقصّة كتبها (إج. جي. ويلز) في سبعينات القرن الماضي، عنوانها (النائم يستيقظ The Sleeper Awakes)....
لطفية الدليمي

قناطر: أنقذوا الثقافة من الأدعياء

طالب عبد العزيز منذ قرابة عقد من الزمن وأتحاد الادباء في البصرة يعاني من أزمة في اختيار مجلس إدارته، وهو بعلة لا يبدو التعافي منها قريباً، بسبب الاقتتال على المقاعد الخمسة الأولى التي تمثله....
طالب عبد العزيز

الانتخابات العراقية عام 2025: التحديات الداخلية في ظل ضغوط دولية متزايدة ..

كارول ماسالسكي ترجمة : عدوية الهلالي في يوم الثلاثاء، 11 تشرين الثاني 2025، أجرى العراق سادس انتخابات برلمانية ديمقراطية منذ سقوط صدام حسين عام 2003. وقد حققت القائمة الشيعية «ائتلاف الإعمار والتنمية»، بقيادة رئيس...
كارول ماسالسكي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram