الأربعاء، 16 إبريل 2025

℃ 21
الرئيسية > أعمدة واراء > هل ينبغي إحراق كولبنكيان ؟

هل ينبغي إحراق كولبنكيان ؟

نشر في: 13 ديسمبر, 2013: 09:01 م

تابعت من خلال الإنترنيت والصحف نشاطات ملتقى بغداد للفن التشكيلي ، تابعته من بعيد ولم أستطع الحضور مع الأسف لارتباطي بمعرض شخصي في مكان آخر وفي نفس الوقت شاهدت بفرح افتتاح قاعة أو متحف كولبنكيان ، وكيف اجتمع الفنانون هناك بمحبة وألفة وسعادة تحيطهم الأعمال الفنية كما كان يحدث في تلك الأيام التي ذهبت بعيداً ، حين كانت هذه القاعة تضم أعظم أعمال ومقتنيات الفن العراقي وأقيمت على حيطانها أجمل المعارض الشخصية كذلك المعارض العامة التي اشترك فيها خيرة فناني العراق ورموزه الفنية .
رائعة هذه الحفاوة والألفة التي ينبغي أن تكون ، ومثار فخر هذه الخطوة الجادة في إعادة الحياة لهذه الزاوية المهمة من تاريخ ثقافتنا التشكيلية . لكن ما أثارني هو تذمر البعض ودعوتهم إلى تغيير اسم القاعة إلى اسم آخر لإحدى الشخصيات العراقية وإلغاء اسم كولبنكيان من الوجود وكأنه شخص عابر أو طارئ أخذ مكانة لا يستحقها وجلس في موضع غير موضعه ! . أذكر هنا لمن لا يعرف هذا الرجل ، أن المؤسسة التي تحمل اسمه التي استمرت بعد وفاته ، هي من بنت هذه القاعة وبأموال كولبنكيان الخاصة ، في وقت كان العراق يخلو من قاعات فنية بمواصفات مناسبة للعرض ، إذاً هو الذي بناها مثلما بنى جمعية الفنانين التشكيليين وملعب الشعب أيضاً ، حين كانت الكرة تمارس في أماكن بدائية تقريباً .
لا أفهم سر التكالب في العراق على تغيير الأسماء ، أسماء الأماكن والشوارع والمؤسسات الثقافية وحتى المدن . أعرف أن أشياءً كثيرة يمكن أن تتغير نحو الأجمل والأفضل ، لكن دون المساس أو طمس معالم لها جذورها البعيدة وإلغاء مساهمات شخصيات راسخة في الثقافة والحضارة البشرية . فهذا أمر يدعو إلى التساؤل والغرابة والشك أيضاً . هل يحتاج كولبنكيان منّا أن نحتفي به ، هو الذي يعرف العالم كله مكانته كأهم راعي فن على مر التاريخ ، وهو أيضاً من منح ضوء محبه وثروته ومقتنياته إلى الكثير من بلدان العالم ، كما فعل مع لشبونة عاصمة البرتغال ، التي أهداها متحفاً كاملاً تقدر محتوياته ببضعة مليارات الدولارات ، ومحتويات هذا المتحف كانت تعتبر أكبر مجموعة فنية يملكها شخص واحد .
هو لن يربح كثيراً عندما نذكر أسمه على باب المتحف أو القاعة ، بل نحن الذين سنربح لأننا سننتمي إلى مكانته التي يعرفها الجميع ونظهر نوايانا بالعرفان له ولما قام به . أما الأقاويل التي تقول بأنه بنى ذلك من النسبة التي كان يأخذها من نفطنا ، فهذا أمر يثير السخرية حقاً ، فهذا الرجل كان يحصل على نسبة خمسة بالمئة من أربع شركات كبرى ،منها ( بي بي ) و ( شل ) نظير مساعداته وخدماته في التوسط في شراء النفط ( ومن هنا جاء اسمه ، مستر فايف برسنت ) ، فهو إذاً لم يأخذ من نفطنا أو من حصتنا في النفط ، وكان يبني المشاريع الثقافية في كل العالم . ومن خلال تذوقه المرهف للفن واستثماره لثروته الطائلة بشكل صحيح ، فقد أشبع كل محبته وشغفه في الفن .
وأنا أزور متحفه في لشبونة ، بهرني ( كالوست كولبنكيان ) بتاريخه وأهميته وعظمته . هذا الرجل المحب للفن وصاحب الذوق اللامحدود في رفعته وتحسسه للأعمال الفنية ، هو الذي ولد ( 1869 ) في سكوتاري ( تركيا ) لعائلة أرمنية ، وقد بدأ في سن الرابعة عشرة في جمع الأعمال الفنية والاهتمام بها ، عندما اشترى بضع قطع نقدية قديمة ونادرة من أحد البازارات .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

كلاكيت: "ندم" وعودة الفيلم الجماهيري

الحاكم بمنظور إمام سلطة الحق

العمود الثامن: اربيل تقرأ

مرور نصف عقد على رحيل رفعة الجادرجي 10 نيسان 2020

العدالة الدولية تحت المطرقة (الجزء- 2)

العمود الثامن: جماعة الفشل

 علي حسين ثمة متعة خاصة في قراءة كتب المفكر الفرنسي جاك أتالي، وخصوصاً كتابه عن كارل ماركس والذي أكد فيه على مقولة ماركس الشهيرة "ظلّت الفلسفة تفسّر العالم بطرق مختلفة. ولكن المهم تغييره"....
علي حسين

قناطر: المُوحِشُ المُسْتفرَد بين السعفِ والقبّرات

طالب عبد العزيز من السعف الذي لم تأته الريح من الشمال، ومن الجذوع، أنبأتها الشمسُ بموعد النهار، ومن القصب، لم تثقّبهُ نداءاتُ الراحلين، فظلَّ قصباً الى الحين والابد، أنشأتُ كوخاً، آوي اليه أحياناً، أسجِّي...
طالب عبد العزيز

( 50 ) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياةً بين قذيفتين

زهير الجزائري   ( 3) من نافذة الصف تمتد أمامي نازلة بساتين الحمضيات. أحاول أن أهدئ نفسي بخضرتها المتعافية و بزرقة البحر الممتد إلى اللانهاية. أسمع جرس الاستراحة وأقول لنفسي: مستحيل! لا البحر ولا...
زهير الجزائري

في خط الشروع للمشروع الوطني التنموي

ثامر الهيمص لكي تنهض اي امة او شعب، لابد ان يكون لديهما مشروع سياسي واقتصادي واضح المعالم ، لذا ينبغي تجديد كتابة الماضي وفق مسلتزمات الواقع المتجدد ، بما يؤهل المشروع للمقبولية الاجتماعية والتاريخية...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram