د. فالح الحمـراني
تهدف المادة إلى لفت أنظار الحكومة العراقية والأطراف التي تضع قبضتها على مقدرات الدولة وقرارتها، إلى التطور الذي حققته دول الجوار بالاعتماد على موارد النفط وترشيدها وتوظيفها بالتخطيط العلمي والعقلاني لتحقيق أهداف تنموية واعدة في كافة المجالات، وتوفير حياة كريمة لمواطنيها. فهل ستأخذ القوى العراقية الحاكمة بهذه الدروس الناجعة؟
تعمل دول الخليج العربية الخليجية بنشاط على تطوير برامج فضائية - وهذا يسمح لها بالحصول على إمكانات القوى التكنولوجية ونفوذ إضافي في المنطقة. لكنها تظل بحاجة إلى دعم من لاعبين أكثر خبرة. ويدور اليوم تنافس حاد بين الصين والولايات المتحدة أجل الهيمنة على سوق الفضاء لدول الخليج. وأن هذا التنافس سينمو وحسب، وسينتهك اللاعبان "توازن المصالح" الموجود سابقاً.*
وعلى الرغم من أن بلدان شبه الجزيرة العربية كانت قد أولت اهتماما جادا بريادة الفضاء فقط في أوائل عام 2010 (في وقت لاحق بكثير عن بلدان أوروبا أو شرق آسيا)، إلا أن استكشاف الفضاء سرعان ما أصبح أولوية لدول الخليج العربية. وفي أقل من عقد من الزمان، تحولوا من "مبتدئين" إلى مشاركين كاملين في السباق.
وأصبحت الوكالات المتخصصة التي تنسق البرامج العلمية والتجارية المتخصصة بحلول عام 2024، تعمل بكامل طاقتها في ثلاث دول خليجية على الأقل - المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين. وفي بقية المنطقة، لا يزال العمل مناط بمؤسستين حكوميتين أو أكثر.
وتتقاسم الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية القيادة غير الرسمية في الصناعة. في الوقت نفسه، "تتصدر" أبو ظبي في عدة فئات في وقت واحد فلديها أكبر ميزانية "فضائية"، وأعلى وتيرة لتطوير برنامج الفضاء، وأكبر عدد من مراكز الأبحاث المتخصصة - بينما تتقدم الرياض في نفقات التحديث الوطنية لبرنامج الأقمار الصناعية، و فيعدد اتفاقيات الشراكة التي أبرمتها مع الدول الأجنبية في استكشاف الفضاء. وبالإضافة إلى ذلك، أصبحت المملكة في عام 2023 أول دولة عربية ترسل امرأة إلى الفضاء.
إن طموحات القوى العربية تمتد إلى ما هو أبعد من مدار الأرض. ولذلك تعتمد دولة الإمارات على دراسة شاملة للنظام الشمسي. وأعلنت الإمارات في عام 2021 إطلاق سلسلة مشاريع لدراسة الكويكبات في مدار كوكب الزهرة، وقبلها بعام نفذت بنجاح مهمة إلى المريخ (مشروع الأمل). وكهدف طويل المدى، أعلنت دولة الإمارات عن خطط للمشاركة في إنشاء مستعمرة دائمة على المريخ بحلول عام 2117. تركز عُمان أيضًا على ريادة الكواكب الجديدة. ووفرت السلطنة في عام 2018 أراضيها لنمذجة "مهمة المريخ الواعدة" الدولية.
ولا يغيب مثل هذا النشاط عن انتباه اللاعبين الرئيسيين في سوق الفضاء، ويجعل منطقة الخليج منصة واعدة للمنافسة، حيث تلعب الولايات المتحدة والصين "الكمان الأول". كما أن تأثير روسيا على تطوير صناعة الفضاء في الشرق الأوسط كبير جدًا أيضًا، على سبيل المثال، ذهب أول رائد فضاء إماراتي إلى الفضاء على متن صاروخ روسي في عام 2019، ولكن في مواجهة ضغوط العقوبات المتزايدة من الولايات المتحدة، فقد يصبح من الصعب على موسكو المشاركة في المشاريع الإقليمية.
إن الصراع على العقود مع دول الخليج العربية هو جزء من "سباق الفضاء الجديد" بين الصين والولايات المتحدة. ومع ذلك، لفترة طويلة، كان هناك نوع من "احترام المصالح" بين بكين وواشنطن، والذي حدد ضمنيًا مناطق نفوذ القوتين العظميين في المنطقة، بما في ذلك المنافسة في الفضاء. وكان من المفترض أن تركز بكين على تطوير المبادرات العلمية والمدنية، في حين سيترك العنصر العسكري للولايات المتحدة، باعتبارها حليفًا استراتيجيًا للممالك العربية. وفي الوقت نفسه، كان قطاع الفضاء الخاص يعتبر منصة للمنافسة المتساوية.
ومع ذلك، فإن تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في السنوات الأخيرة أدى أيضًا إلى اشتداد التنافس بينهما في الشرق الأوسط. وسرعان ما نسي الطرفان الاتفاقات السابقة. ومنذ عام 2022، كثفت بكين مشاركتها بشكل كبير في المشاريع الفضائية للممالك العربية، حيث عملت كمورد للتكنولوجيا وكمستثمر. إضافة إلى ذلك، استخدمت الصين علامة "طريق الحرير الجديد" المروج لها للفوز بعقود تطوير البنية التحتية الفضائية في دول الخليج، والتي تصنفها واشنطن على أنها القطاع "العسكري" من الفضاء. كما انزعج البيت الأبيض من حقيقة أن بكين تحركت نحو التقارب مع شركاء واشنطن الرئيسيين في المنطقة - الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
ولم تبق الولايات المتحدة غير مبالية بذلك. واستخدمت واشنطن الأدوات السياسية المتاحة لإخراج بكين من المنطقة. وعلى وجه الخصوص، تم إدراج بند يحد من نشاط بعض الشركات الصينية بشكل غير ملحوظ في مسودة اتفاقية الشراكة الاستراتيجية السعودية/الأمريكية الجديدة. وهناك احتمال كبير تظهر تحفظات مماثلة في الحوار مع شركاء إقليميين آخرين لواشنطن.
إن طموحات القوى العربية تمتد إلى ما هو أبعد من مدار الأرض. ولذلك تعتمد دولة الإمارات على دراسة شاملة للنظام الشمسي. وأعلنت الإمارات في عام 2021 إطلاق سلسلة مشاريع لدراسة الكويكبات في مدار كوكب الزهرة، وقبلها بعام نفذت بنجاح مهمة إلى المريخ (مشروع الأمل). وكهدف طويل المدى، أعلنت دولة الإمارات عن خطط للمشاركة في إنشاء مستعمرة دائمة على المريخ بحلول عام 2117. تركز عُمان أيضًا على تطوير الكواكب الجديدة، والتي وفرت في عام 2018 أراضيها لنمذجة "مهمة المريخ الواعدة" الدولية.
ولا يغيب مثل هذا النشاط عن انتباه اللاعبين الرئيسيين في سوق الفضاء، ويجعل منطقة الخليج منصة واعدة للمنافسة، حيث تلعب الولايات المتحدة والصين "الكمان الأول". كما أن تأثير روسيا على تطوير صناعة الفضاء في الشرق الأوسط كبير جدًا أيضًا، على سبيل المثال، ذهب أول رائد فضاء إماراتي إلى الفضاء على متن صاروخ روسي في عام 2019، ولكن في مواجهة ضغوط العقوبات المتزايدة من الولايات المتحدة، فقد يصبح من الصعب على موسكو المشاركة في المشاريع الإقليمية.
وفي الوقت نفسه، يتهم البيت الأبيض، من جانبه، الصين بانتظام بعسكرة الفضاء عمداً، ويتناقض مسار بكين مع مبادرات السلام الخاصة بها، على سبيل المثال، برنامج أرتميس القمري. تهدف مثل هذه التكتيكات، من ناحية، إلى لفت الانتباه إلى دبلوماسية الفضاء الأمريكية، ومن ناحية أخرى، الحد من مشاركة الشركاء العرب في المشاريع الصينية من النوع المماثل.
ومن بين أمور أخرى، تلعب الشركات الخاصة دورًا مهمًا في تعزيز المصالح الأمريكية في قطاع الفضاء، مما يضمن الحفاظ غير المباشر على نفوذ واشنطن في اتجاه تطوير المشاريع المتخصصة في دول الخليج. ومن الأمثلة الصارخة على ذلك شركة SpaceX، التي زودت المملكة العربية السعودية في عام 2023 بمركبة إطلاق لإرسال رواد فضاء إلى محطة الفضاء الدولية، وفي عام 2024 عرضت خدماتها على دولة الإمارات العربية المتحدة في إطلاق الأقمار الصناعية الوطنية إلى المدار.
ومن الواضح أن بكين وواشنطن تقفان على مسافة "واحدة" وتنظران إلى المنافسة على سوق الفضاء لدول الخليج على أنها نوع من الظاهرة طويلة الأمد. وفي الوقت نفسه، لا توجد احتمالات "للانفراج" في العلاقات الصينية الأميركية، ولا يؤدي احتمال عودة الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض إلا إلى تحفيز السباق.
ومع ذلك، فإن التركيز المفرط على بعضها البعض يقلل من الاهتمام باللاعبين الآخرين في السوق، وهم كثيرون. وهذا بدوره محفوف بخسارة جزء من السوق وإضعاف النفوذ التكنولوجي لإحدى القوى. لذلك، من المعقول الافتراض أن بكين وواشنطن ستحاولان تشكيل تحالفات تكتيكية مع الدول الصديقة في المستقبل القريب، وسيأخذ التنافس على الهيمنة في سوق الفضاء طابع "التكتل".
وفي الوقت نفسه، ومن وجهة نظر دول الخليج العربية نفسها، فإن اشتداد التنافس بين الصين والولايات المتحدة لا يشكل اتجاها سلبيا، بل يفتح فقط فرصا أكبر لتحقيق التوازن الاستراتيجي بين السعرين.
- اعتمدت على تقارير في سوائل الإعلام الروسية