TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أجهزة الشرطة ومفهوم الديمقراطية

أجهزة الشرطة ومفهوم الديمقراطية

نشر في: 21 أكتوبر, 2012: 04:50 م

إن أكثر المواضيع إلحاحاً في العمل الشرطي والأمني عموماً هو النزاهة والشفافية وتكريس الجهود لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين، وذلك لان أدب العمل الشرطي يشير إلى أن نمط الحياة الدارجة في مجتمعنا يعتمد بشكل كبير على رؤية قيادات الشرطة في التعامل مع المواطن للوصول إلى أحكام صائبة وديمقراطية.

لذلك يفسر الموقف السلبي لمعظم منتسبي الشرطة تجاه الأخذ بمبادئ الأخلاق المهنية في العمل الشرطي إلى عاملين رئيسين أولهما اجتماعي والثاني عملي والعامل الأول يتضمن ما يأتي:

1- يتم تعيين منتسبي الشرطة في سن مبكرة من العمر (بين الثامنة عشرة والثانية والعشرين ) دون أن تكون لديهم أدنى تجربة مع الديمقراطية وحقوق الإنسان.

2- معظم أفراد الشرطة منحدرون من طبقات عشائرية قريبة للبعض من ناحية القرابة والمصاهرة .

3- معظم المؤسسات التعليمية التي يتلقى فيها منتسبو الشرطة تعليمهم بالعمل الشرطي لا تولي أمر الديمقراطية والأخلاق اهتماما في مناهجها ، كما أنها لا تشجع على التفكير الحر والمناقشة الجادة وإذا حدث ذلك فانه يتم بأسلوب جاف وعقيم، كأن لا علاقة لها ببناء شخصية الطالب.

كما يتضمن الجانب العملي ما يأتي:

1- إن كليات الشرطة تنهج نهجا تعليميا اقرب إلى الاسلوب العسكري وعند تقديم مبادئ حقوق الإنسان والأخلاق في مناهجها ، فهي تقدم باقتضاب ودون تعاطف ، ثم أن هذه الكليات تميل إلى التركيز على معايير سطحية في اختيار الطلاب ، مثل السلوك العام والمظهر الخارجي أكثر من التركيز على أخلاق الطالب وثقافته وسلوكه الديمقراطي ، وبذلك فان معظم الطلاب يتم تدريبهم لتطبيق مبدأ (الحكم بالقانون) وليس حكم القانون، ولا شك في أن الأخير يتطلب سعة في التفكير، ويبدو احد الأهداف الرئيسة لكليات الشرطة هو تلقين الطلاب أسلوبا موحدا في التفكير وذلك لكي لا يعمل احد فكره بشكل فردي، ثم أن هناك مفهوما سائدا مفاده أن القوانين المسلكية العامة في الشرطة صائبة وملائمة بغض النظر عن رأي المواطنين فيها .

2- تطبع الثقافة الشرطية السائدة بخصائصها المشار إليها، العمل الشرطي بطابع البيروقراطية، فيصبح التركيز في هذا الحال على الانضباط والضبط العسكري.

3- تفتقر مديريات الشرطة  ومراكزها بأسلوب إدارتها التقليدي القائم على النموذج العسكري، الى الوعي بمكاسب الديمقراطية وتفتقد الاستعداد لتشجيع من يسعون لتحقيق ذلك.

وبناء على ما تقدم يتضح أن الديمقراطية وحقوق الإنسان هما مستوى فكري متقدم يمكن تكوينه بالتعلم والتجربة والعمل الدؤوب لتحقيق ذلك ، ولهذا فان فضائل العمل الديمقراطي ينبغي النظر إليها وفهمها كمنظومة مبادئ ، تميز عمل المجتمع الديمقراطي بشكل يمكن الناس بتنوعهم ونقاط ضعفهم ، من أن يعيشوا أحرارا وبما ان كل ما يمكن تعلمه يمكن تعليمه ، فليس من المعقول الاعتقاد بان أخلاقيات وقيم الديمقراطية  لا يمكن اكتسابها في فصول الدراسة بنفس الطريقة التي بها تكتسب العلوم الأخرى، ولكن مع هذا يبقى من المؤكد ان التركيز والحض على مبادئ وأخلاقيات الديمقراطية في كل المراحل التي يمر بها الضابط والمنتسب مثل التدريب قبل وأثناء الخدمة ، يمكن أن يطور بشكل حاسم الجانب الديمقراطي في شخصيته وسلوكه اليومي ، مثلما يطور التدريب إجراءات التحقيق والكشف والقدرات الفنية والقانونية الأخرى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram