TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ممعوط الذنَب!

ممعوط الذنَب!

نشر في: 22 أكتوبر, 2012: 04:35 م

لي زميل عاش في الأردن أكثر من عقد أرسل لي رسالة عنوانها "ما ظل في الخرج إلا ممعوط الذَنَب" وفيها رابط لخبر منسوب إلى "مصادر مطلعة" يقول إن "الأردن يدرب قوات خاصة بغية دخول الأراضي العراقية واحتلال محافظة الأنبار بالاتفاق مع الناتو".
الخبر كما هو واضح تنقصه صورة توضيحية لفيل طائر، لكنّي مع ذلك بحثت عن الأمر لأعرف أساسه وتداعياته، فوجدت أن تقريراً إخبارياً لبنانياً هو من أطلقه أولاً منذ أسبوعين تقريباً، لكن الجديد في الأمر أنّ لجنة الأمن والدفاع في برلماننا منشغلة به على ما يبدو، ولها الحقّ في ذلك طبعاً، رغم عدم معقوليته.
قاسم الأعرجي وهو عضو في اللجنة البرلمانية، صرّح  أمس أن الخبر يراد منه الضغط على العراق لتغيير موقفه من أحداث سوريا، لكنه أضاف "سنقف صفاً واحداً ضد كلّ جيش يدخل العراق دون موافقة الحكومة العراقية"، ولا أعرف لمَ نغزني قلبي من عبارة "دون موافقة الحكومة" لأني شعرت ـ وقد أكون مخطئاً ـ بأن الأزمة الإقليمية ستجعل جيوشاً تدخل إلى أراضينا "بموافقة الحكومة"، ومعروف هو الجيش الذي يمكن أن توافق الحكومة على "إدخاله" معززاً مكرماً لينقذنا، لا داعي لأن أسميه وأتركه لحصافة القارئ اللبيب.
عنوان رسالة الزميل أضحكني "ما ظل في الخرج إلا ممعوط الذنب"، لم يبق إلا الأردن لتغزونا، إيران غزتنا بشتى السبل، اقتصادياً وعسكرياً وهيمنة على مفاصل حساسة في الدولة وقطع مياه وقصف قرى، الأتراك يغزوننا يومياً قصفاً لأراضينا واستهتاراً بهيبة الدولة وتدخلاً سافراً في أحيان كثيرة، سوريا مسؤولة عن غزونا برجال القاعدة الذين كانوا يتدربون في معسكرات مخابرات الأسد قبل أن ينقلبوا عليه، دول الخليج رصدت أموالاً طائلة لغزو صامتٍ لكنه مميت منذ التغيير وحتى اليوم، فلم يبق في الخرج إلا الأردن التي يصله نفط عراقي مجاناً تقريباً إحياءً لسنّةٍ سنّها صدام، ولأنها سنّة حسنة فله أجرها وأجرُ قادتنا اليوم الذين يعملون بها.
لن نكون بمنأى عن تداعيات أحداث سوريا، لكنّ ساسة الأردن أذكياء بما يكفي ليدركوا أن دخول قواتهم  العراق لن يمرّ بسلام، فلا وضعهم الاقتصادي يتيح لهم خوض حرب مع جارهم الذي طالما أحسن إليهم، ولا قدرات جيشهم ستصمد أمام قوة أهلية مسلحة ومدرّبة أربكتْ أمريكا، إذا نسينا الجيش العراقيّ الذي يشغله قادته بمحاولات فاشلة لحفظ الأمن دون جدوى، وهي فاشلة لأن خطط القيادة فاشلة لا لأن الجيش غير كفء.
يظل الخبر الذي اصطبحتُ به  أمس ناقصاً، تعوزه صورة فيل يطير على الحدود العراقية الأردنية، وعنوان عريض: ما ظلّ بالخرج إلا ممعوط الذنَب!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: جنرالات الطائفية

العمود الثامن: لماذا لا نثق بهم؟

الصراع على البحر الأحمر من بوابة اليمن "السعيد" 

كيف يمكنناالاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمود الثامن: رئيستهم ورئيسنا !!

العمود الثامن: بين الخالد والشهرستاني

 علي حسين أعرف جيداً أن البعض من الأعزاء يجدون في حديثي عمّا يجري في بلدان العالم نوعاً من البطر لا يهم المواطن المشغول باجتماعات الكتل السياسية التي دائما ما تطابنا بـ " رص...
علي حسين

قناطر: الربيع الأمريكي المُذِل

طالب عبد العزيز هل نحن بانتظار ربيع أمريكي قادم؟ على الرغم من كل ما حدث، وقد يحدث في الشرق الأوسط، نعم، وكم هو مؤسف أن تتحرك دفة التغيير بيد القبطان الأمريكي الحقير، وكم قبيح...
طالب عبد العزيز

تضارب المصالح بين إسرائيل وتركيا في سوريا وعواقبه

د. فالح الحمـــراني كما بات معروفاً، أن وزير الدفاع الإسرائيلي وبنيامين نتنياهو*، خلال لقاء حول موضوع الوجود التركي في سوريا، طرحا مقترحاً لـ"تقسيم سوريا إلى مناطق مقاطعات (الكانتونات)". وذكرت صحيفة إسرائيل هايوم عن خطة...
د. فالح الحمراني

النظام السياسي في العراق بين الخوف من التغيير وسؤال الشرعية

أحمد حسن لفهم حالة القلق التي تخيم على النخبة السياسية في العراق مع كل تغيير داخلي أو إقليمي، لا بد من تحليل عميق يرتكز على أسس واضحة ومنطقية. فالشرعية السياسية، التي تعد الركيزة الأساسية...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram