علاء المفرجي
السمة الأبرز التي طبعت موضوعات الأفلام المشاركة في مهرجان أبو ظبي السينمائي الأخير، كان موضوعة التطرف والأصولية، وهي الموضوعة الأبرز التي باتت تشغل العالم.. وكان من الطبيعي أن تتمثل السينما هذه الظاهرة وتعيد إنتاجها برؤية ومعالجة جديدتين اختلفتا باختلاف ثقافة ورؤية صناع هذه الأفلام..
ونستطيع أن نتوقف عند عدد من الأفلام التي اتخذت هذه الظاهرة موضوعة لها وعالجتها من زوايا مختلفة، لكنها تلتقي برصد خطورتها.
اللافت أن ثلاثة من الأفلام الخمسة التي تناولت هذه الظاهرة هي أفلام لمخرجين عرب وأحداث تقع في مناطق مختلفة من العالم العربي ،وهو أمر طبيعي من جهة شيوع هذه الظاهرة وتأثيرها الأكبر في هذا المكان..
فيلم المخرج الكويتي وليد العوضي (تورا بورا) يتناول التطرف، من خلال معاناة عائلة كويتية في ذهاب أحد أبنائها للالتحاق في حركة طالبان في أفغانستان.. وهو ما يدفع الأبوين لخوض رحلة مضنية في البحث عن الابن الضال، والتي تبدأ من الكويت إلى تورا بورا المعقل الرئيس للحركة، وفي هذه الرحلة العوليسية تتجلى المخاطر التي تصادف الأبوين ثم الابن الأكبر في العثور على ابنهما.. والفيلم على الرغم من ثيمته الواضحة إلا أنه ينأى لسبب غير معروف عن الأساليب التي تتبعها هذه الحركة في أعمالها الإرهابية.
المخرج الجزائري رشيد بن حاج يعتمد في فيلمه (عطور الجزائر) دراما حول مشاكل عائلة جزائرية سرعان ما تنفتح على مشكلة التطرف التي عانتها الجزائر، بحكاية الابنة (كريمة) الفوتغرافية المشهورة المقيمة في باريس بسبب قمع الوالد لها والتي يقترن ظهورها في الفيلم باتصال هاتفي من والدتها ترجوها العودة إلى بلدها لحل مشكلة تتعلق بالعائلة.. لتكتشف أن المشكلة لها علاقة بشيوع التطرف الديني واستفحال أساليب الإرهاب في جزائر تسعينات القرن المنصرم.. بلغة سينمائية أخاذة وسيناريو متقن.. والفيلم رصد لمرحلة هي الأخطر مرت بها الجزائر في مواجهة عمليات إرهابية استحوذت على اهتمام العالم.
في (مانموتش) فيلم المخرج التونسي نوري بوزيد، الحرية في مواجهة الاستبداد الذكوري.. من خلال سيرة شابتين تتأثران بأجواء الحرية التي أشاعتها الثورة التونسية، في هذا الفيلم يخلع صاحب رجل الرماد- جائزة نظرة ما في كان – وبيزنس تسمية واحدة على الاستبداد لا تقبل التجزئة أو التأويل.. فبينما تناضل (زينب) في مقاومة رغبة خطيبها في لبس الحجاب فإن (عائشة) هي الأخرى تواجه ضغوطات رب عملها لنزع حجابها، فالأمر عند بوزيد يتعلق بالحرية لا غير.
المخرج الأفغاني عتيق رجيحي الذي عرف عنه الترجمة الفيلمية لروايته، يختار في فيلمه (حجر الصبر) حكاية تلخص الآثار السلبية والأجواء الاجتماعية المريضة التي تتجلى من حكم طالبان لأفغانستان.. من خلال حكاية زوجة تجد نفسها مرغمة تهتم في العناية بزوجها المشلول جراء تعرضه لرصاصة في عنقه أثناء مشاركته في (الجهاد) مع طالبان.. وعتيقي في فيلمه هذا يدين المجتمع الأفغاني الذكوري المستلهم منهجه من الأصولية والتطرف الديني. . والذي يتعاطى مع المرأة على أنها وسيلة متعة، وشيء كما الحجر.
المخرج المغربي محسن بصري يختار موضوعاً ملتبساً يتعلق بالاختلاف حول ثوابت تقوم عليها ثقافة شعب .. من خلال حكاية ثلاثة شبان بخطف مجموعة من الممثلين الذين كانوا يتهيأون لجولة فنية .. لكنهم يجدون أنفسهم في مواجهة مع الذات والآخر تستدعي إعادة نظر في قناعاتهم.
التطرف كان هناك!
[post-views]
نشر في: 31 أكتوبر, 2012: 11:00 م