قبل الغزو الأميركي للعراق عام 2003 ، أصدرت قيادة الحزب الحاكم تعليمات لتحقيق المزيد من التلاحم مع الجماهير لغرض تحشيد دورها في مواجهة "العلوج " الغزاة ودحر المخطط الامبريالي الصهيوني. في محافظات الجنوب عقدت سلسلة ندوات ومهرجانات يلقي خلالها الرفيق المسؤول محاضرة في الهواء الطلق ، يستعرض فيها تحديات المرحلة ، داعيا الحاضرين الى بذل جهودهم للدفاع عن وطنهم ، ثم ينهي حديثه بعبارة المرحلة تتطلب رفع شعار " سنبذل الغالي والنفيس دفاعا عن العراق وقائده " . في احدى الندوات تقدم رجل كبير السن وسأل المسؤول " عمي بروح ابوك ، شعير المرحلة وراه زيادة الكمية" ، يقصد هل يحقق شعار المرحلة زيادة في مفردات البطاقة التموينية من المواد الغذائية ، أوعز المسؤول لاحد مساعديه من الرفاق بالإجابة على السؤال ، واثناء نزوله من المنصة لمشاركة الجماهير في ترديد اهازيجها امام كاميرا التلفزيون الرسمي ردد احدهم اهزوجة "باجر نصبح بإسرائيل اسمع يالشامت " فارتفعت الحماسة الثورية لدى الجماهير، واصبحوا على قناعة تامة بانهم سيصلون الى تل ابيب في صباح اليوم التالي . تسلل صاحب السؤال عن شعير المرحلة وإمكانية مضاعفة مواد الكمية ، متوجها الى بيته للاستماع الى نشرات اخبار تبثها اذاعات خارجية .
الجيل السابق من العراقيين حين يستذكر احدهم امام أبنائه واحفاده شعارات المراحل السابقة يذرف الدموع واحيانا يضرب رأسه بالحائط، تعبيرا عن اسفه الشديد لضياع سنوات شبابه في خوض معترك تحمل دفع ثمنه الباهظ بالملاحقة ثم عقوبة السجن. شعارات الماضي العراقي بقدر ما كانت تحمل دعوات لإنزال أشد العقوبات بحق المعارضين ، احتوت على مفردات تثير السخرية بمقاسات الزمن الحاضر، لكنها بمجملها عبرت عن الرغبة في الوصول الى السلطة بشتى الطرق ولا ضير من الاستعانة بطرف خارجي.
و"نفط العرب للعرب موتوا يا رجعية"، و"باجر بالقدس يخطب ابو هيثم" في اشارة الى ان تحرير فلسطين، سيتحقق لا محالة ويخطب الرئيس العراقي الاسبق أحمد حسن البكر في الاراضي المحررة. كل هذه الشعارات وغيرها تندرج ضمن "شعير المرحلة".
معظم الزعماء السياسيين العراقيين يحرصون على تحقيق حضورهم في الأوساط العشائرية لتحقيق المزيد من التلاحم مع القواعد الجماهيرية ، لضمان التصويت لصالح قائمة الزعيم الانتخابية . يبدأ الزعيم السياسي حديثه باطلاق تهم ضد منافسيه ثم يشيد بدور العشيرة الفلانية في التصدي للعصابات الإرهابية الاجرامية ، وبين آونة وأخرى يقاطعه الحاضرون بترديد الاهازيج الحماسية الثورية وتجديد عهد الولاء "وباجر نصبح بإسرائيل اسمع يالشامت" ثم يعود الزعيم وفريق حمايته يحمل مئات الطلبات " العرائض " للحصول على وظائف حكومية ، يكون مصيرها في اقرب مبزلة يمر به موكب الزعيم .
الزعيم السياسي يتحول الى طاووس حين يسمع شعارات وهتافات "نعاهد فلان القائد " يشعر بالزهو والانشراح من خلال قيام فضائيته بتغطية فعاليات تجديد البيعة والوقوف صفا واحدا وراء القائد صاحب "المشروع الوطني" في السيطرة على السلطة .
شعير الشعارات
[post-views]
نشر في: 31 يوليو, 2017: 09:01 م