TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عثمان سامبين والسينما الافريقية

عثمان سامبين والسينما الافريقية

نشر في: 7 نوفمبر, 2012: 08:00 م

الحضور القوي للسينما الافريقي في المهرجانات السينمائية الدولية يحيلنا الى الأباء المؤسسين لهذه السينما، ويقف في مقدمتهم  عثمان سامبين رجل الثقافة الافريقية البارز الذي قدم تصورا شاملا لحركة الانتاج الثقافي والفني بافريقيا السوداء عبر اكثر من ستة عقود من الابداع الأدبي والفني .
عثمان سامبين المولود عام 1923 من اسرة صائد اسماك في قرية على ضفاف نهر كازماس في السنغال اختزنت ذاكرته الاساطير والطقوس ومنابع الفلكلور الافريقي والتي جعلت منه في طليعة الأدباء والفنانين الافارقة الذين اسثمروا التراث والفلكلور الافريقي في خدمة القضايا الثقافية والاجتماعية وفي تأكيد الهوية في مواجهة الوجود الكولنيالي .
واذا كانت الذاكرة الثقافية تحتفظ لسامبين باعتباره ( ابو السينما الافريقية السوداء ) فانه لم يلج بوابة الفن السابع الا في فترة متأخرة من حياته ( درس السينما وهو في الاربعين من عمره ) ..

وكان دخوله هذا الفن من بوابة الادب الذي توجه كاحد اهم رموز الرواية والقصة الافريقية الى جانب وول سوينكا و نسيتوا اتشيبي وان لم يحظ بالشهرة العالمية لهما .
والسيرة الشخصية لهذا المبدع الاسطوري التي وثقت وعكست المشكل الاجتماعي النوعي الذي كان يعيق تنامي حركة التغيير الديمقراطي لا في السنغال حسب بل في جميع بلدان غرب افريقيا، تشي بسيرة انتاجه الادبي والفني المتميز وحرفيته العالية .
الانعطافة الأهم في حياة هذا المبدع الكبير عندما ابحر مختبئاً في سفينة بضائع الى فرنسا حيث بدأ حياة جديدة تجلت في ممارسته النشاط النقابي مدفوعاً من مشاهد البؤس للعمال الافارقة في المهاجر، ليصبح بعد فترة قائداً لاتحاد نقابات العمال الافارقة في مرسيليا في فترة تبوأت فيها الانتجلنسيا الافريقية في فرنسا مكاناً متميزاً تمثل في اقامة الانشطة الثقافية المختلفة، حيث وجد سامبين نفسه في خضمها في مواجهة دعاة تيار (الزنوجة) الذي مارس تأثيراًُ فكرياً مهماً وكان من ابرز دعاته الشاعر السنغالي ليبولد سنغور والمارتيني ايمي سيزير، انطلاقاً من وجهة نظره المتمثلة بان القضية ليست بالعودة الى الماضي، بل الانحراف منه كزوادة للمعركة من اجل التحرر.
السيرة الشخصية لسامبين وسيرته الابداعية كروائي وقاص، فرضت ولوجه بعد سن الاربعين بوابة السينما حيث اختار دراسة مبادئها الأساس في موسكو باستوديو غوركي على يد احد اساطين السينما السوفيتية المخرج مارك دونسكوي والمنظر سيرغي غيراسيموف بداية ستينيات القرن المنصرم.. ويوقع بعد عودته الى افريقيا على اول افلامه عن امبراطورية سوهاري.. لكن ابداعه الحقيقي يتجلى مع الفيلم الوثائقي (الحوذي) عام 1963 الذي تميز بتنوع مضامينه والتي تلتقي بالشكل الانساني والطموح الذي تعيقه المشاكل والهموم، والفقر، والاحلام المستحيلة.. وهو الموضوع الذي عزف عليه في فيلمه الثاني (نياي) وان كان بمعالجة مختلفة حيث التقاليد الصارمة في مجتمع ريفي متزمت.. ذهب فيه بعض النقاد الى مقارنته بموضوعات التراجيدية الاغريقية القديمة.
هذه التجربة السينمائية كانت كافية لمنح سامبين كسينمائي امتياز الريادة بل الابوة في هذا الفن في افريقيا، فهو مع فيلم (سوداء من ....) عام 1966 يكون صاحب اول فيلم روائي افريقي طويل، ومع فيلم (الحوالة البريدية) 1968 صانع اول فيلم افريقي ملون في تاريخ سينما افريقيا الاستوائية.
في فيلم (سوداء من ...) يكثف وبحرفية عالية الأساليب الاخراجية التي انتهجها في افلامه السابقة (الواقعية فيه لا تتعدى حيز الواقعة نفسها التي عندما اقدم المخرج على اخراجها صار البناء الفني للفيلم بناءً في غاية الرمزية) بحسب الناقدة والباحثة الروسية الينا كوليغ.
اما في فيلم (حوالة بريدية) والمقتبس عن احد اهم قصصه القصيرة، فقد اعتبر حينها حدثاً ثقافياً مهماً في السنغال ونقطة انعطاف مهمة في تاريخ تطور سينما افريقياالاستوائية.
في عام 1973 ينجز سامبين عن قصة أخرى له فيلماً بعنوان (خالا) وهو فيلم روائي طويل ثم (الهروب) و(سيدو) وكان آخر اعمال سامبين الفيلم الروائي الثاني عشر (مولاد) الجزء الثاني بعد فيلم فات كين 2001 من ثلاثية تمجد حياة النساء
دخل سامبين ميدان الابداع السينمائي في وقت كان نتاجه الابداعي في الرواية والقصة القصيرة قد بوأه اسماً لامعاً في الادب الافريقي والعالمي، ويكفي روايته (آلهة الاخشاب) التي حظيت باهتمام ومباركة من أهم أدباء ومثقفي فرنسا لوي اراغون، وسيمون دي يوفو، وجان بول سارتر..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

القصة الكاملة لـ"العفو العام" من تعريف الإرهابي إلى "تبييض السجون"

الأزمة المالية في كردستان تؤدي إلى تراجع النشاطات الثقافية والفنية

شركات نفط تباشر بالمرحلة الثانية من مشروع تطوير حقل غرب القرنة

سيرك جواد الأسدي تطرح قضايا ساخنة في مسقط

العمود الثامن: بين الخالد والشهرستاني

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: جنرالات الطائفية

العمود الثامن: لماذا لا نثق بهم؟

الصراع على البحر الأحمر من بوابة اليمن "السعيد" 

العمود الثامن: رئيستهم ورئيسنا !!

كيف يمكنناالاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمود الثامن: بين الخالد والشهرستاني

 علي حسين أعرف جيداً أن البعض من الأعزاء يجدون في حديثي عمّا يجري في بلدان العالم نوعاً من البطر لا يهم المواطن المشغول باجتماعات الكتل السياسية التي دائما ما تطابنا بـ " رص...
علي حسين

قناطر: الربيع الأمريكي المُذِل

طالب عبد العزيز هل نحن بانتظار ربيع أمريكي قادم؟ على الرغم من كل ما حدث، وقد يحدث في الشرق الأوسط، نعم، وكم هو مؤسف أن تتحرك دفة التغيير بيد القبطان الأمريكي الحقير، وكم قبيح...
طالب عبد العزيز

تضارب المصالح بين إسرائيل وتركيا في سوريا وعواقبه

د. فالح الحمـــراني كما بات معروفاً، أن وزير الدفاع الإسرائيلي وبنيامين نتنياهو*، خلال لقاء حول موضوع الوجود التركي في سوريا، طرحا مقترحاً لـ"تقسيم سوريا إلى مناطق مقاطعات (الكانتونات)". وذكرت صحيفة إسرائيل هايوم عن خطة...
د. فالح الحمراني

النظام السياسي في العراق بين الخوف من التغيير وسؤال الشرعية

أحمد حسن لفهم حالة القلق التي تخيم على النخبة السياسية في العراق مع كل تغيير داخلي أو إقليمي، لا بد من تحليل عميق يرتكز على أسس واضحة ومنطقية. فالشرعية السياسية، التي تعد الركيزة الأساسية...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram