ترجمة / حامد أحمد
تناول تقرير لموقع، ذي نيو آراب The New Arab، الاخباري استمرار معاناة ناجيات ايزيديات من أزمات وصدمات نفسية قاهرة بعد سنوات من إنقاذهن من قبضة داعش وذلك لتعلقهن بأطفال ولدوا لهن خلال فترة اسرهن لدى مسلحي داعش واضطررن للتخلي عنهم كشرط للعودة حيث انتهى بهم الحال في مراكز للأيتام في سوريا في وقت تبذل فيه جهود من قبل جهات دولية لإعادة لم شمل تلك النسوة بأبنائهن. عند مخيم شيخان المكتظ بالنازحين تنظر الناجية الايزيدية، كوفان 24 عاما، الى صور اطفالها الغائبين، ولد بعمر ست سنوات وبنت بعمر أربع سنوات. آخر مرة رأتهم فيها كانت منذ أربعة أشهر وذلك عقب انقاذها من مخيم الهول الواسع في سوريا الذي يضم نساء وارامل وأطفال ضمن افراد عوائل مسلحي داعش. كما هو الحال مع نساء ايزيديات اخريات تم انقاذهن خلال السنوات الاخيرة من مخيم الهول، فان كوفان تعرف بان العودة لبلدها ومنطقتها سنجار تتطلب منها ترك ابنائها الذين ولدوا اثناء فترة العبودية التي قضتها لدى داعش. وتصف كوفان حالتها بالقول "لم يكن لدي خيار سوى ترك اطفالي. لقد بكيت كثيرا، ولكن عائلتي واشخاص ايزيديين آخرين قالوا لي بانه يتعذر جلب الأطفال معي الى المنطقة". رغم ان قصة الايزيدية كوفان تعتبر قصة مأساوية ولكنها واحدة من حالات سائدة ومألوفة.
ويشير التقرير الى ان مصير أطفال ولدوا لمسلحي داعش وامهاتهم من ضحايا نساء ايزيديات يبقى يشكل معضلة معقدة قائمة لمجتمع ما يزال يكابد من أزمات وصدمات نفسية على مدى عقد من السنين. وتشكل هذه الصدمات والأزمات النفسية ذكريات مؤلمة لافعال مروعة ضد المجتمع الايزيدي مع آلاف من افراد عوائلهم ما يزالون في عداد المفقودين، مع مصير أكثر من 2,700 امراة وطفل ما يزال مجهولا.
كوفان كانت واحدة من بين آلاف من نساء ايزيديات تم اسرهن لدى داعش عام 2014 عند اجتياح التنظيم منطقة سنجار موطن الايزيديين شمالي العراق، وبعد وصول المسلحين للقرية التي تعيش فيها، كوفان، كانت عائلتها وبرفقة آلاف من عوائل ايزيدية يائسة أخرى تحاول الهروب صوب الحدود السورية. ولكنهم قبل ان يصلو الى مبتغاهم تم ايقافهم من قبل سيطرات لمسلحي داعش واجبارهم على الصعود في شاحنات وتم اسرهم في سوريا على مدى تسع سنوات. وكان مسلحو داعش قد عملوا على تفريق افراد العوائل وتم ارسال كوفان وشقيقتيها الأكبر سنا معا الى الموصل، وما تزال ليست لديها اية فكرة عما حصل لشقيقتيها. وتقول كوفان "كانت آخر مرة أرى فيها والدي احياء مع شقيقتي الصغرى. ما فعله بنا داعش هو خارج نطاق التصور". وكان مسلحو داعش قد اقدموا على اعدام آلاف من رجال ايزديين مع تعذيب أطفال واجبارهم على حمل السلاح. اما النساء وفتيات صغيرات بعمر قد يصل دون العاشرة فقد تم اختطافهن واخضاعهن للاستعباد الجنسي. وشهدت تلك المرحلة ولادة مئات وربما آلاف من أطفال لنساء ايزيديات كن تحت الاستعباد الجنسي لمسلحي داعش. وكانت الايزيدية كوفان قد تم بيعها عدة مرات من قبل مسلحي داعش وتعرضت للاغتصاب على نحو متكرر. وكانت قد ولدت طفلين لمسلحين مختلفين خضعت للزواج القسري من قبلهما ويعتقد بان كليهما قد قتلا في معارك. في عام 2019 تم اقناع وجهاء من الطائفة الايزيدية ان يستقبلوا نساء ايزيديات كن أسرى لدى داعش وعودتهن للمنطقة. ولكن بعد أيام قال الوجهاء بأنهم لن يسمحوا لأي طفل ولد من اب داعشي ان يرافق امه.
بعد الحاق الهزيمة بآخر معقل لدى داعش في قرية باغوز شرقي سوريا تم استسلام عشرات الآلاف من مسلحي داعش ونسائهم مع أطفال واسيرات ايزيديات وانتهى الحال بهم باعتقالهم داخل مخيم الهول وكانت الايزيدية كوفان من بينهم. أوضاع المعيشة في مخيم الهول مزرية جدا وشهد المعسكر احداث عنف متكررة، وكانت كوفان تخشى البقاء في العيش بين هذه الأوضاع، وكانت لفكرة التخلي عن اطفالها في حال العودة هو ان تعيش تحت اسم مستعار. ويعتقد ان مئات من نساء اخريات فعلن نفس الشيء.
تقول كوفان "كنت أخشى من النساء الاخريات في المخيم. اكثرهن داعشيات يربين أطفالهم على فكر داعش".
وكانت الايزيدية كوفان قد تم انقاذها في عملية جرت منتصف الليل من قبل مسلحي القوات الديمقراطية السورية الكردية كانوا يحملون معهم صور ايزيديات مقيمات في المخيم. وبعد ان رفعت الخمار واظهرت وجهها تم اخذ اطفالها خارج المخيم وجلبها الى مكان سري للتحقق من هويتها.
بيتر غالبريث، دبلوماسي أميركي سابق، يقول "حقيقة إدراك النساء بانه ليس لهن مكان في مجتمعهن الايزيدي مع أطفالهن يفسر لنا سبب بقاء كثير من النساء في عداد المفقودين. انه امر ذو مردود عكسي ان تنتزع أطفالا من نساء ايزيديات كن لدى داعش ثم تحتفظ بهن".
ومنذ العام 2021 تمكن الدبلوماسي الأميركي، غاليبريث، من ترتيب أربع عمليات تم خلالها لم شمل أمهات ايزيديات مع أطفال لهن تم انتزاعهم منهن بعد سقوط داعش.
ويشير التقرير انه غالبا ما ينتهي الحال بكثير من هؤلاء الأطفال ايداعهم في مراكز لرعاية الايتام في شمال شرقي سوريا، وان عملية اخراجهم من هذه المراكز تتطلب عملية طويلة معقدة من مفاوضات مع افراد مسلحي القوات الديمقراطية السورية الكردية وسلطة اقليم شمال شرقي سوريا.
ولحد هذا الوقت فان جميع حالات لم شمل أمهات ايزيديات مع أطفالهن قد تمت بإعادة توطينهم في بلدان ثالثة. ولم تكن هناك عمليات مشابهة لإنقاذ أطفال تم انتزاعهم من أمهات ايزيديات وايداعهم في مراكز ايتام في العراق. وتبقى هذه العمليات بمثابة الأمل الأفضل بالنسبة للإيزيدية كوفان، حيث تقول "كل ما اريده هو ان أكون مع اطفالي مرة أخرى وان اطلب لجوءا الى أوروبا. فهم لا يغيبوا عن فكري طوال الوقت".
- عن ذي نيو آراب