علي حسين
أعترف أنّ الكتابة اليومية تتطلب من صاحبها جهداً كبيراً، فصاحب النافذة اليومية مطلوب منه أن يُقدِّم شيئاً يتجاوز ما اطلعت عليه الناس في الأخبار، وشاهدته من خلال الفضائيات، فالعبور إلى جسر الناس يتطلب من الكاتب أن يسعى كل يوم إلى الاطمئنان على أنّ العلاقة بينه وبين القارئ لم تدخل في مرحلة "الضجر واللامبالاة"، وأن الكلمات حاضرة ومؤثرة.. وأن نافذته لا تزال تحمل طعم ومذاق مائدة عامرة بكل الاصناف، ولهذا تجدونني احيانا اتفلسف في الكتب.
احيانا يكتب بعض القراء الأعزاء يؤنبون " جنابي" لأنني أثير حالة من الكآبة والسواداوية في مقالاتي، وهو يلومني لأنني أستغل هامش الحرية وأسخر من السياسيين والمسؤولين الذين وضعوا العراق في مصاف الدول الكبرى.
أنا آسف ياعزيزي القارئ الكريم، لأن البعض يعتقد أن ما أكتبه مجرد أوهام أعتاش عليها.. فهل من المعقول أن لا أرى المنجزات التي تحققت في عهد إبراهيم الجعفري؟، وكيف تسنى لشخص مثلي فاقد البصر والبصيرة أن لا يدرك حجم الإنجازات التي سطرها محمد الخليوي اثناء توليه رئاسة البرلمان، ولماذا لا اريد ان أتمتع بالديمقراطية العراقية؟.
يمكن للقارئ العزيز ان يطلق علي صفة "المتشائل" على طريقة الكاتب الفلسطيني الراحل أميل حبيبي، ومثل بطل روايته أبي سعيد، الذي ظل يشير للخراب، لكن الناس كانت تسخر من شكواه.
منذ سنوات والجميع يتحدث عن مشاريع التغيير والإصلاح، لكنّ المواطن يعرف جيداً أن ما يقال على الفضائيات لا يعدو كونه مجرد كلام، الذي أعرفه خلال اكثر من عشرين عاما عشناها مع الخراب، أن القضية لم تعد مجرد تغيير رئيس وزراء ، ولا اجتماعات يقودها محمد الحلبوسي، وقد أعطيت نفسي أكثر من فرصة أتفاءل فيها بما سيفعله ساستنا الاشاوس ، وكنتُ مراهنًا نفسي على أنّ مسؤولينا سيخلعون معطف" الروزخونية " ، ويرتدون ثياب رجال الدولة، ويبدو أنّ المتشائم انتصر في النهاية وخسرت الرهان، مثل كلّ مرة أراهن فيها على مسؤول عراقي، وفي هذه الزاوية المتواضعة كنتُ بين الحين والآخر أُصدّع رؤوس القرّاء، بحديث عن رجال دولة تاريخيين، استطاعوا أن يصمدوا بوجه المغريات، فخلّدهم التاريخ بأن أبعد عنهم غبار النسيان.
شيء مؤسف أن لا يكون لدى الكاتب ما يكتبه للقرّاء سوى التشاؤم والسخرية من الأمل، ولكنني سأترك "المتشائل" جانباً وأتمنى على السيد القارئ العزيز أن يخبرنا لماذا اختار ساستنا نظاما سياسيا يصفق للمحسوبية والانتهازية، بدلا من نظام يعتمد على الكفاءة والنزاهة ؟.
اليوم الناس تعيش في ظل مؤسسات وأحزاب وشخصيات لم تتمسك إلا بالمحاصصة والتشجيع على الفرقة الطائفية والدفع لجيوش إلكترونية مهمتها إشعال الحرائق. وفي ظل مسؤول محصّن ضد الفرح والنزاهة والكفاءة، مستمتع بثقافة التخلّف، كاره لحضارة الازدهار.
في كل دول العالم يسبق المسؤول مستشاريه. فيما المسؤول العراقي يصل من "الحزب والعشيرة" وهو يدّعي ختمه لعلوم الأرض والسماء.
جميع التعليقات 1
sjar
منذ 2 أيام
الجواب بسيط، إنهم لا يحبون العراق.