ذات مساء (تدهدرت) للسهر في صالة فندق قريب من سكني الجديد بحي من أحياء لندن. هناك نهض رجل انيق ليستأذن من عازف البيانو البريطاني فصار يعزف أغان عراقية يطعمها بين حين وحين بشيء من أغاني فيروز. طرت من الفرح وصرت أنتظر اللحظة التي ينتهي فيها من العزف لأتعرف عليه. انه نامق أديب. عرفت من خلال الحديث انه هو من لحّن "تايبين" و"مجروحين" و"ولو تزعل" و"مشكورة .. تردين الصدك ما كصّريتي" وغيرها. عندما قلت له ما كنت أظنها لك ابتسم ورد علي بأن ذلك ثمن الغربة الذي لا سبيل الا لدفعه.
في لحظتها مباشرة اتصلت بالصديق كوكب حمزة فوجدته هو الآخر كان يظن إن "تايبين" من الحان المرحوم طالب. فرح كوكب وطلب ان يسلم على نامق بنفسه. من يومها نمت بينهما علاقة صداقة طيبة. وكل مبدع للمبدع نسيب. اكتشفت أيضا ان نامق جاري فصرنا نلتقي كل ليلة تقريبا. نقرأ الشعر ونغني ونسهر أحيانا حتى ظهر اليوم التالي.
بعدها بأشهر هاتفني الصديق الفنان فلاح هاشم ليجري لي لقاءً في اذاعته التي كان يشرف عليها بلندن. كان اللقاء ودياً ودافئاً قرأت به بعض قصائدي. سافرت للسياحة في اليوم التالي. عدت للندن فوجدت نامق قد كتب بعض ما قرأته في اللقاء. عندما التقينا أخبرني انه سيلحن لي قصيدتين.
قدر لا أعرف كيف اسميه فرّقنا. هل بسبب انتقالي للعمل خارج بريطانيا او بفعل من واش او نمام؟ لا أدري. سنين طوال لم نلتق وحتى لم نتهاتف. لا أدري أيضا ما الذي دفعني لأجرب مهاتفته قبل أيام. كان هاتفه العادي مغلقا. جربت الفايبر. رنَّ لكن بدون جواب. قبل ليلتين اتصل. سألني: منو حضرتك؟ سألته: انت منو؟ حضرتك متصل بي من مصر فأنت الذي يجب ان تقول من انت؟ لك منو .. نامق؟ صاح بصرخة: منو .. أبو أمجد؟ نعم أنا. ليش هيج مو تعرف آني احبك؟ وأنا أكثر. زين، أما سمعت لحني لقصيدتك "لون تنباع" التي غناها ياس خضر؟ لا والعباس، شوكت لحنتها؟ من زماااان.
طلب مني ان أبحث عنها في اليوتيوب ثم أعود اليه لأعطيه رأيي. وجدتها فأسعدني اللحن الذي احسست به روحي التي كتبت بها القصيدة قبل أكثر من 15 عاما.
ها أنا قد عدت اليك بهذا العمود، فشكرا يا صديقي للحن ولعودتك لي.
لَوَن تنباع
[post-views]
نشر في: 11 ديسمبر, 2015: 09:01 م