الرئيسية > أعمدة واراء > البطنج.. شخصية العام

البطنج.. شخصية العام

نشر في: 26 ديسمبر, 2016: 09:01 م

مع  هبوب رياح الربيع العربي ، تعددت التفسيرات  حول جدواه واهميته في المنطقة ، لكنه في كل الأحوال حفز الأوساط  الشعبية على تنظيم تظاهرات احتجاجية لتقديم رسالة الى الأنظمة،  تحذرها من نهب الثروات ومخاطر التمسك بالسلطة بالماركة المسجلة الشهيرة المعروفة باسم الحزب الحاكم.  
بعض المتفائلين يرى الربيع العربي محاولة لجمع كميات كبيرة من البطنج لطرد الأفاعي على اختلاف اشكالها وانواعها من المشهد السياسي ، ربما يكون هذا الخيار ملائما للأوضاع في العراق ، لكنه في دول المنطقة  يعد تهديدا للأمن القومي ومحاولة لأسقاط  النظام والحاق رئيسه  بمنتدى المخلوعين.
مع حلول موعد العام الجديد ، تحرص جهات اعلامية على اختيار شخصية العام في العالم .  على الصعيد المحلي العراقيون ليس لديهم الاستعداد للإدلاء بأصواتهم لصالح شخصية سياسية معينة ، لأنهم فقدوا ثقتهم بكل النخب السياسية ، معظمهم لا يرغب في ممارسة لعبة الاستفتاء،  وايمانا بقوة البطنج في مواجهة الأفاعي، فضل ناشطون مواصلة تظاهراتهم بوصفها الخيار الوحيد المتاح لتصحيح عملية سياسية عرجاء لم تستطع الوصول الى توافقات لحسم الملفات الشائكة العالقة ، حتى التفت عليها  الأفاعي بحسب التعبير الشعبي،  فأصبحت معقدة للغاية تحيط بها حقول الالغام من كل الجهات .
في دول العالم تقوم جهات مستقلة تعتمد معايير ثابتة في اجراء الاستفتاءات ، لاختيار الافضل في مجالات ثقافية وفنية ، اما اختيار الشخصية السياسية ، فيكون عبر الاستعانة بآراء مختصين . على الرغم من ذلك تبرز الاعتراضات ، لأن الشخصية المختارة لا تستحق اللقب، في العراق الامر يختلف ، الجهة المسؤولة عن اجراء الاستفتاء لديها قناعة بأن امين عام الحزب او الممول المالي هو الوحيد بين المئات يستحق شرف حمل اللقب.
يبدو ان الأوضاع في العراق ليس بإمكانها ان تفرز شخصية العام ، لأن الإقدام على هذه الخطوة سيجعل الجهة المنظمة للاستفتاء تدخل في ايراد ومصرف ، واحتمال بروز  اعتراض  يتبناه كثيرون لاعتبارات طائفية ومذهبية قد تؤدي الى اندلاع ازمة جديدة ،  لذلك لابد من الاعتراف بحقيقة ان البطنج هو الوحيد المؤهل لحمل لقب شخصية العام ولاسيما ان التعامل مع  هذه المادة يعود الى عصور تاريخية قديمة ،  ولم يكن سبباً في نشوب نزاعات مسلحة ، اهميته ترتبط بوجوده في كل البيوت لأبعاد خطر الأفاعي.
الدخول الى العام الجديد في كل دول العالم  ترافقه احتفالات تجعل الأجهزة   الأمنية في حالة الإنذار القصوى ، في العراق تكون الاحتفالات خجولة مع مخاوف من انفجار عبوة ناسفة او سيارة مفخخة ، وهناك من يعلق آماله على المنجمين لعل احدهم يزف بشرى  انتقال احد  الزعماء السياسيين الى جوار  ربه.  في السنوات الماضية  انحسر نشاط المنجمين واقتصر دورهم على تناول قضايا تهم النجوم والمطربين مع اصرار على الابتعاد عن طرح  توقعات ذات طابع سياسي لخشيتهم من التعرض لصولة تشنها جماعات السلاح المنفلت. توقعات المنجمين السياسية في جميع دول العالم ليست بريئة إلا باستثناءات قليلة جدا ، تقف وراءها في بعض الأحيان جهات مخابراتية ،ترغب في قياس ردود الافعال على احداث مهمة تعتقد ان طرحها عبر التوقعات يمنحها امكانية التنفيذ ، اما باقي التوقعات فتندرج ضمن الخزعبلات يقولها منجمون كذابون ويصدقها المغفلون! ربما يكون استمرار التظاهرات الاحتجاجية في العراق  ابرز احداث العام ، لكنها حتى الان لم توفر الكمية  اللازمة من البطنج للقضاء على حية سيد دخيل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

البْصَرة عراقيَّة.. لا عَلويَّة ولا عثمانيَّة

العمود الثامن: الجلوس على أنفاس المواطن

روما على مفترق طرق – هل تكتب الجولة الثانية نهاية أزمة أم بداية تصعيد؟

قناطر: المُوحِشُ المُسْتفرَد بين السعفِ والقبّرات

العمود الثامن: نور زهير ياباني !!

العمود الثامن: زعيم الثقافة

 علي حسين في حواره مع المثقفين العرب الذين شاركوا في معرض اربيل الدولي للكتاب ، قال الرئيس مسعود بارزاني إن : " الثقافة والمعرفة ركيزةٌ أساسية للتفاهم بين الأمم وشعوب المنطقة " .....
علي حسين

22 عاماً بين "جمهورية الخوف" و"دولة المافيا"

إياد العنبر سنتان بعد العشرين عاما على تغيير نظام الحكم في العراق، وهذه المرحلة شكلت ولادة جيل كامل، هو الآن في مرحلة الشباب. وجيل آخر، وأنا منهم، كان ينتظر لحظة سقوط الدكتاتورية، وكنا نحمل...
اياد العنبر

غزو العراق.. دلالات الصورة وتأثيرها لكشف الحقيقة

عصام الياسري مع مرور أكثر من عقدين على غزوه، لا زالت صورة المشهد الدرامي عالقة في أذهان العراقيين. ولم ينس أي مواطن عراقي عاش لحظة دخول القوات الأمريكية لاحتلال عاصمة بلاده "بغداد" بدعم دولي...
عصام الياسري

روما على مفترق طرق.. هل تكتب الجولة الثانية نهاية أزمة أم بداية تصعيد؟

محمد علي الحيدري تتجه الأنظار إلى العاصمة الإيطالية روما حيث من المقرر عقد الجولة الثانية من المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران يوم السبت المقبل، في سياق إقليمي مضطرب وتحولات دولية متسارعة. الجولة الأولى...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram