TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تأملات فـي الشعر: الجميل والجليل

تأملات فـي الشعر: الجميل والجليل

نشر في: 19 مايو, 2017: 09:01 م

(4-4)

عند شعراء العالم العربيّ غالباً: كيف أخلق أسطورة لنفسي، وليس أسطورة لشعريّ.
شتّان بين أسطورتين.
نكتب عن الشعر في الفيسبوك، أي التواصل الاجتماعيّ، ولا يهمنا أبداً عدد المتابعين والمحبّين علناً لما نكتب. مراقبة ذلك بحسرةٍ أو بفرحٍ لا تنسجم مع مبدأ الشعر نفسه المرتاب من نوعية هذا التواصُل..
فكرتي أن الشعر أرجوحة متوازنة وصعبة، في آن واحد، بين الجميل والجليل، تجد معارضين لها، بين متحمِّس للجميل وحده، أو للجليل وحده.
ثمّة حقل مغناطيسيّ مُعْترف به في الفن الشعريّ في العالم، وثمة حقل مغناطيسيّ غير معترف به. نحن العرب في الحقل الأخير (مهما كانت مغناطسيتنا).
أن يكون المرء في مفهوم (الشعر) يستوجب، كما يبدو، التخليّ عن مفهومٍ ضيّقٍ (للوطن) وأنْ يُوسّع حدوده. سوى ذلك فهو في الشعر الوطنيّ.
الشعرُ، ليس الشعريّ.
ثمَّة شاعرات وفنانات عربيات حقيقيات اليوم، سيبتلعهنّ الواقع الذكوريّ العربيّ.
الرواية فن عظيم، لاحقٌ على الشعر. الروائيون يعرفون أن هناك (الشعر)، بأداة تعريف. الكلّ يَعْرف ذلك.
لا يُقرّر المرء أن يكون شاعراً. أن يكون أو لا يكون. الاستهداء بالأنماط الجاهزة للشعر في عصر ما تقع غالباً في (لا يكون).
في الشعر، ربما أكثر من غيره من الفنون، المعضلة هي التوازن المُرْهَف بين (الجميل) و(الجليل).
في الشعر أيضاً، على كلّ حال، أفراخ الصقْر يبدأون أفراخاً "كتاكيتَ"، وينتهون صقوراً.
الشاعرُ ليس صفةً بل موصوفاً، فهو ليس شاعراً بل الشاعر.
شعرياً، آدم خرج من الغابة، وليس من الجنّة، لا شكّ بذلك.
هل الشعر منطقيّ؟ في (لامنطقيّته) يقع المنطق كُلّه أو جُلّه، تقع فرضيات المنطق المتناقضة.
الشاعرُ صيّاد الطيور النادرة، يصطادها فقط كي يُطْلِقها.
على (نقد الشعر) أيضاً تجاوُز محدودية تخوم الوطن الواحد، سوى ذلك فهو (نقد وطنيّ)، لا يحتمل نقد الشعر ذلك مثلما لا يحتمله الشعر.
الشعر اليوم أقرب إلى طَبْخةٍ، يعرف بعضهم مكوّناتها، الشعراء اليوم طبّاخون، في وليمة [باذخة] المَظْهر، ولكن ليس الجوهر دائماً.
لديّ أنطباع عميق، أن نقداً شعرياً كثيراً مكتوبٌ عن العلاقة بالشاعر وليس العلاقة بشعره.
التوصيفات التي تقال عن الشعراء: قوميّ وشيوعيّ ووجوديّ وصوفيّ، لا قيمة لها، فهي لا تُساجِلُ شعرهم من داخله، إنما تنطلق من خارجه. الشعراء الجيدون خضعوا، غالباً، لتغيّرات جذرية في فكرهم. مَنْ لم يخضع هو الحجر الأصمّ وحده. هذه التوصيفات قد تكون (مُغْرضة) في حالات معينة.
عن عداوة الشعراء بعضهم لبعض، نقرأ في كتاب الأغاني: "قدم الفرزدق المدينة فقال لكثير: هل لك بنا في الأحوص نأتيه ونتحدث عنده. فقال له: وما نصنع به إذا والله نجد عنده عبداً حالكاً أسود حلوكاً يؤثره علينا ويبيت مضاجعه ليلته حتى يصبح. قال الفرزدق فقلت: إن هذا من عداوة الشعراء بعضهم لبعض …..".
نحن فقط، أنتَ وأنا نأخذ الشعر بجدية، الآخرون اليوم في العالم العربي، يتعاطونه كطرفةٍ، كسيولةٍ لغويةٍ، ككائنٍ مُعقّد، كأثرٍ أثريّ متحفيّ، كشذرةٍ عائمة رغم كثافتها، وفي أحسن الأحوال كهايكو دون فلسفة الزن الروحية المناهضة لعصبية وتوتّر العرب (كتبتُ أنتَِ بحركتين، الفتحة والكسرة، للمؤنث والمذكر، وهذه إمكانية لتجاوز الجنسانية الذكورية في لغة العرب).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram