لا صلة أبداً للعنوان بأغنية مطربتنا الكبيرة مائدة نزهت (حمد يا حمود.. يا حميّد يغالي) .. والفكرة ببطليها هي من يستوجب هذه المقاربة بين سطوري وبين الأغنية .. ولا بأس أبداً من ربط بين ما نكتبه في الصحافة وكيف كان يسترعي الانتباه أو يلفت النظر، وبين هذه الأكوام من الأفكار والكلمات التي لم تعد تجدي نفعاً في يومنا هذا، حتى بات مرور المعني أو المسؤول عليها عابراً ، فهي لا تحرّك حواسه أو ضميره فضلاً عن أنها لا تحرك طرفة من عينيه!
قبل يومين ذكـّرني أحد الزملاء الكرام بموقف هو أشبه بالحكاية التي تستوعبها سطور محدودة .. ذكـّرني بناجح حمود وعصام حمد، وعاد بي إلى 18 سنة مضت .. وكانت البداية حين تمّ تعيين ناجح حمود مدرباً لمنتخب العراق الأول الذي كانت تنتظره مشاركتان مهمتان، تصفيات كأس آسيا 2000، والدورة الرياضية العربية التاسعة في الأردن .. والحدث الثاني كانت له خصوصية سياسية قصوى ، ففي تلك الدورة كان العراق يعود إلى الدورات إثر إبعاده عنها بسبب المغامرة الفادحة .. مغامرة دخولنا إلى الكويت!
كان على ناجح أن يواجه مهمتين .. الأولى العمل الجدّي لإثبات جدارته وهو يكلف بمثل هذا الواجب للمرة الأولى وسط غضب شديد، لكنه مكتوم، استبدّ بكبار المدربين المحليين الذين كانوا يرون أنهم أحق من حمود بقيادة المنتخب .. والمهمة الثانية المباشرة على الفور بإعداد قائمة المنتخب الجديد وتسليمها إلى اتحاد الكرة العراقي، على أن يثبت فيها المدرب أنه خارج من معطف نادي النجف إلى فضاء أوسع هو تدريب منتخب لكل العراقيين!
وعلى الهاتف الأرضي، كان ناجح حمود يتصل بي مساءً ، وكان سؤاله محدداً واضحاً : أبو زيد، غداً سأقدم قائمة اللاعبين الأولية، دعنا نتناقش وأنا أثق فيك ، أختر لي لاعباً واحداً من خارج قائمتي هذه يستحق أن يلعب في المنتخب .. كان ردي على الفور : عصام حمد .. هذا لاعب يستحق وصف (الجوكر) فهو قادر على أن يشغل كل مراكز اللعب في خطي الدفاع والوسط ، وهو يمضي موسماً رائعاً مع الزوراء!
لم يكن عصام حمد يدري بما كان يدور بيني وبين ناجح حمود ، والقصد والغاية بعد ذلك أن هذا اللاعب كان واحداً من ألمع نجوم المنتخب عام 1999 وكان من أبرز أبطال منتخبنا في الدورة العربية، ولم ينس المدرب أن يقدم شكره لي بطريقة استثنائية للغاية.. ففي حفل الغداء الذي أقامته بعثة المنتخب في مطعم (عطا علي) في العاصمة الأردنية عمّان .. جاءني ناجح حمود إلى حيث أجلس مع الإعلاميين وهو يمسك بذراع عصام حمد ، وقالها جهاراً نهاراً : اخوان لابد من شكر خاص إلى الأخ علي رياح، لأنه هو الذي نصحني بضم عصام إلى المنتخب، وكما ترون فإن هذه المشورة دقيقة وتستحق الشكر في مناسبة كهذه!
أريد القول هنا، إننا كنا، في زمان مضى، نرخي السمع لبعضنا البعض، وينصت الكل إلى الكل من دون أنفة أو تذمّر أو تطيّر، لاسيما إذا حضرت المصلحة العامة.. فلا يضيرني أن افتح أذني لنصيحة أو مشورة منك، ولا ينقص قدرك أن تستمع وأن تأخذ بصالح الأفكار!
اليوم لم يعد الصحفي، إلا في ما ندر، مشاركاً في صنع قرار أو تقديم مشورة . فالمسؤول لا يرى نفسه.. وهو محق في كثير من الأحيان، فالصحفي لا يتحرك سعياً لتكامل الأدوار، وإنما يندفع هنا بلغة الابتزاز، وإذا لم ينفع، فثمة لغة مُعدّة للتسقيط في أقرب فرصة.
حكاية حمد .. وحـمـود!
نشر في: 22 مايو, 2017: 06:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/Almada-logo.png)