ليس أصعب من أن تقيم مع الوسط المحيط بك علاقات أو صداقات أو روابط تسمو بك وبه، وتتحقق عندئذ المنافع التي يصل مردودها إلى الجميع، فالفعل الخيّر يستلزم إرادة ويستدعي أن تقبض على الجمر في كثير من الأحيان، لكن اكتساب الخصومات و(شراء) العداوات أمر ما أسهله، فتجد نفسك في النهاية وسط حلقة مفرغة لا مخرج منها، فالكل يتربّص بك .. حتّى أولئك الذين كانوا يبدون قدراً محدوداً أو واسعاً من التأييد والتعاطف لا يمكنهم الثبات في مواقعهم وهم يرونك بهذه القدرة على ارتكاب الأخطاء ، فلا تعجب إذا ابدوا تململاً منك أو ذهبوا بكامل قناعاتهم إلى المعسكر المقابل !
وما يجري في أروقة اتحاد الكرة وخارجه من ردود أفعال على تعليق مباريات الدوري، أو حتى التفكير في إلغائه، يدخل في هذا الإطار، فخلال السنوات الماضية التي أمضاها الاتحاد في إدارة اللعبة لم ترتفع الأصوات المناوئة له بهذا الحجم أو القوة التي تـُظهر الرفض للأسلوب الذي اتبعه أهل الحل والربط داخل الاتحاد.
فقرار إيقاف الدوري الصيفي الملتهب يعني قتل اللعبة وهي في الأصل تعيش حالة الاحتضار تحت الشمس اللافحة التي تصل فيها الحرارة الآن إلى خمس وأربعين مئوية.. ومع هذا لم يكن أمام الأندية إلا أن تستجيب – في الأشهر الماضية - لما رأته المصلحة العامة فبذلت ما بذلت من إمكانيات وقدمت ما قدمت من تضحيات لكي تصل بالدوري إلى هذا الشوط بعد أشهر طويلة من اللعب الممل المتعب الذي يضاهي في إيقاعه حركة السلحفاة، فماذا كان جزاء هذه الأندية غير التأجيل أو حتّى التفكير الجدي في الإلغاء!
جزاؤها هو أن يأتي الاتحاد، وبجرة قلم، كي يلغي الدوري .. وأنا اشدد على كلمة (إلغاء) ، فالاتحاد من الناحية العملية وضع نفسه في موقف صعب حين أفرط في التأجيل مرات ومرات، وبلا مبررات واجبة ومنطقية .. وبهذا أحرق الاتحاد كل مراكب العودة إلى قراره قبل انطلاق الموسم وهو إنهاؤه بخير وسلامة .
نحن نواجه اليوم تبعات القرارات المجامِـلة أو المتسرعة أو التوفيقية ، حتى صارت هذه القرارات عبئا لا حل له .. وهذا هو ، في تقديرنا ، المأزق الذي وضع الاتحاد نفسه فيه من دون أن يفكر أحد فيه بانعكاسات قرار التأجيل مرة ومرات من قبل لنصل إلى التفكير الجدّي بتعليق الدوري وتلاشي تدمير ما بنته الأندية التي وصل بعضها إلى حد الجلوس على قارعة الطريق كي (تشحت) المعونة كأسلوب لتوفير ما تحتاجه فرقها المشاركة في الدوري المهلك، ثم يأتي قرار التعليق ليسدد الضربة العنيفة إلى هذه الأندية!
وفي إطار هذا الفهم لما جرى، ندعو اتحاد الكرة إلى مراجعة هذه الخطوة والتراجع عنها في أسرع موعد ممكن، فقرار كهذا لا يكفل لاتحاد الكرة تمتين العلاقة أو إدامتها مع الوسط الذي يعمل فيه، فقد صارت شكوانا كبيرة ومريرة من القرارات المتسرعة التي يتخذها أهل الرياضة عموماً، وبعد كل هذه الضجة التي أثارها أهل الدوري من أندية ولاعبين ومدربين وإداريين وجمهور، لابد من صرف النظر عن إنهاء الموسم قبل الأوان .. وبهذا فقط سيحول الاتحاد مسار الأحداث في اتجاه آخر ، وسيثبت أنه يستمع إلى أصوات مؤيديه ومناوئيه معاً.. فالثابت أن تعطيل الدوري يحرج (أصدقاء) الاتحاد أو المتعاطفين معه أو المؤيدين لسياسته، وربما سيجبرهم لاحقاً على التفكير ألف مرة قبل إظهار تأييدهم لتوجهات الاتحاد.
تمخض التأجيل.. فولد الإلغاء!
نشر في: 29 مايو, 2017: 09:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/Almada-logo.png)
جميع التعليقات 1
أبو أثير
يثبت أتحاد كرة القدم العراقي بجدارة منقطعة النظير على أنه غير جدير ولا مؤهل الى أدارة عمل اتحاده المشلول والمرتبك ... فهو ليس في جدول اعماله سوى الدوري العام ... وها هو في السنة العاشرة يتعثر في تمشية الدوري العام وهو الدوري الوحيد في المنطقة الذي يزحف ا