اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العبث في دفاتر النفوس!

العبث في دفاتر النفوس!

نشر في: 3 يوليو, 2017: 09:01 م

كل شيء بحساب .. الدفاع له قيمة، والهجوم المقنن له رؤية لا رؤيا.. والفوز على الطريقة الألمانية ممتع لأنه مرسوم في غالب الأحيان، ولا تتسرب المفاجأة من بين أقدام المانشافت إلا في مناسبات نادرة!
هكذا كانت أحوال الماكينة الالمانية منذ وعينا على الكرة، وهكذا كانت الأحوال في كأس القارات الأخيرة، فقد لعبت تشيلي، وسعى سانشيز وفيدال إلى إحداث هزّة كروية أخرى، لكن (الثابت) الألماني هو الذي كسب الرهان في خاتمة المطاف!
لم أمنع نفسي من التعاطف مع الأداء اللاتيني الرائع، ومئات الملايين من بني البشر لاحظوا كم بذلت تشيلي من أجل أن تتفوق، أو في الأقل كي تتفادى الخسارة بهدف ألماني وحيد.. ولكن هيهات، فالفوز ثقافة المانية بامتياز.. فاللدغات (المرتدة) كادت تعمّق جراح التشيليين، حتى كانت صفارة الختام لتعلن عن ولادتين ليستا متعسّرتين .. ولادة اللقب الالماني تأكيداً للسيادة المطلقة على هذا العالم الكروي الفسيح، وولادة منتخب جديد في الطريق .. لا تزوير، ولا عبث في دفاتر النفوس، ولا تزويق أو لمسات من الماكير تخفي عيوب الزمن وتجاعيده!
المانيا ربحت الهدفين أو الميزتين .. وهذا هو المكسب الحقيقي لمن يعمل لغده كأنه يعيش أو يبحث عن الإنجاز أبداً!
لا أدري لماذا كنت أقول في دخيلة نفسي، قبل موقعة الختام، أن تشيلي ستلعب كما لعبت أمام البرتغال وتألقت، وأن المانيا هي التي ستجني ثمار سياسة طويلة في كرة القدم وستفوز.. سياسة لا تتعلق بمباراة محددة ، أو بطولة برمتها ، أو في عهد أو منتخب بعينه.. إنما اتحدث عن (الاستراتيج) الذي يحفظ لقيم التخطيط والإدارة والزمن قيمتها .. لهذا فإن الفوز لا يأتي هكذا خبط عشواء . انما هو أسلوب حياة، أولاً وأخيراً!
ثم إنها عالمية كرة القدم ، إذ زالت الحدود وتلاشت الفواصل ، فلم يعد الدوري المحلي وحده أساسا لبناء المنتخب في أية دولة .. لاحظوا كم نجماً ضمه المنتخب الألماني أو التشيلي أو حتى المكسيكي من خارج الديار .. في كأس القارات، كما في المونديال الأخير في البرازيل ، تكسّرت الثوابت وتحطمت التابوهات .
لم يعد المنتخب الأقوى يمثل الدوري المحلي الأفضل.. لقد تغيّرت شروط اللعبة وباتت في صف المدربين القادرين على جمع أعواد القش الهزيلة من أجل بناء عش متماسك.. والدليل أن لدى الالمان محترفين في الخارج أكثر بكثير من عدد محترفي اسبانيا وانكلترا وايطاليا خارج بلدانهم .. وقد كان من سوء حظ الدول الثلاث أنها احتضنت ورعت وطوّرت في بلادها المواهب الوافدة من أقاصي الدنيا ، ولم يكن في مقدورها العثور على لاعبين مواطنين لديهم القدر الكافي من الثبات ودفع البلاء الكروي في الدور الأول من المونديال الماضي!
المانيا تجني ثمار عمل طويل ، فيه القدرة على الصبر .. الصبر لدى الإخفاق،  والصبر في بناء فرق متدرجة متتابعة يسند بعضها بعضاً.. فكان النصر الشبابي قبل أيام قليلة جداً من إنجاز المنتخب الالماني الذي يعد ظلاً للكبار بمعدل أعمار لم يتجاوز الرابعة والعشرين!
ما زلت أشعر بالتعاطف الشديد مع الفن الامريكي الجنوبي الذي جسدّه رفاق سانشيز، لكن العاطفة أو التعاطف شيء والوقائع على الأرض أمر مختلف تماماً .. التكتيك يفوز .. تنويع الأداء يتفوق .. ليس شرطاً أن تهاجم بلا هوادة طوال الوقت .. المهم أن تعرف كيف تشق طريقك أمام انظار الدنيا إلى الفوز بثبات!
كان هذا شأن الألمان في كل الأزمنة الكروية، وبفضل قواعدهم الكروية الراسخة المتينة، سيتسيّدون المشهد الكروي العالمي طويلاً .. طويلاً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

اليوم ..خمس مباريات في انطلاق الجولة الـ 36 لدوري نجوم العراق

بدء التصويت في انتخابات فرنسا التشريعية

"واتساب" يختبر ميزة جديدة عند الفشل بارسال الصور والفيديوهات

تطوير لقاحات جديدة للقضاء على الحصبة نهائياً

الأونروا: سكان غزة فقدوا كل مقومات الحياة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: جمهورية بالاسم فقط

 علي حسين ماذا سيقول نوابنا وذكرى قيام الجمهورية العراقية ستصادف بعد أيام؟.. هل سيقولون للناس إننا بصدد مغادرة عصر الجمهوريات وإقامة الكانتونات الطائفية؟ ، بالتأكيد سيخرج خطباء السياسة ليقولوا للناس إنهم متأثرون لما...
علي حسين

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

قناطر: بين خطابين قاتلين

طالب عبد العزيز سيكون العربُ متقدمين على كثير من شعوب الأرض بمعرفتهم، وإحاطتهم بما هم عليه، وما سيكونوا فيه في خطبة حكيمهم وخطيبهم الأكبر قس بن ساعدة الإيادي(حوالي 600 ميلادية، 23 سنة قبل الهجرة)...
طالب عبد العزيز

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram