علي رياح
لماذا نجعلها عسيرة معقدة خلافاً لما يفعله الآخرون ؟!
كنت أكرر طرح السؤال على نفسي وأنا أتابع كل تفصيلة ممكنة تتعلق بتحضيرات وحظوظ المنتخبات الآسيوية للقائها الكبير على أرض الإمارات .. ولم أجد إجابة واقعية ومقنعة غير هذه التي أجدها قبل أية مشاركة تجمّعية لمنتخب العراق وخصوصا في السنوات الأخيرة التي خرجنا فيها عن حرصنا على (الصمت التحضيري) الإيجابي ، وأصبح الكل خبيراً وناقداً يتدخّل بمعرفة أو عن جهل في رسم معالم المنتخب كيفما شاء هواه، أو كيفا تجري مصالحه، أو على النحو الذي يصفّي فيه خلافاته مع هذا الطرف أو ذاك!
بحكم العمل الذي يندرج في إطار تغطية البطولة، كنت أمرّ على كل منتخب مهما كان شأنه لأرى إن كان هذا المنتخب نهباً لهذا الجلد المستمر بسياط مُعدّة مسبقاً بصرف النظر عن القناعة بالإعداد أو عدمها، وبغض النظر عن الرضا بما قدمه السلوفيني كاتانيتش من عدمه .. لم أجد منتخبا آسيوياً آخر وضع تحت هذا الضرب في الفاضي والمليان، حتى في تلك الدول التي تبحث عن اللقب ولا ترضى بديلاً عنه .. لم أرَ نخبة النقاد أو الكتاب أو الطارئين على العملية النقدية وهم يشحذون سكاكينهم للإمعان في تجريح منتخبهم، فيما نحن هنا نتناسى أن (أسود الرافدين) هو منتخبنا وأن أية نتيجة إيجابية يحققها ستسعدنا، فلماذا هذا الإيغال في جلد المنتخب حتى وهو يخرج من آخر وديتين له بفوزين على منتخبين مشاركين في كأس آسيا ولديهما قدر من الطموح في النجاح!!
أقولها في منتهى الأسف أن منتخبنا مرّ خلال الأسابيع الماضية بما تعفّ عنه الأوساط الإعلامية المماثلة في القارة الآسيوية .. نحن هنا لا ندعو إلى ترك المنتخب وشأنه تماماً حتى ليصبح وكأنه منتخب بلد آخر .. كلا بالطبع .. إنما كانت الدعوة إلى التخلّي عن مصالحنا وثاراتنا وحساباتنا التي كانت تغطّ في نومها، ثم أيقظناها لتشعل وسائل التواصل الاجتماعي بكل هذا الكم من الأمزجة والتقديرات والاستنتاجات التي يصعب على فريق كامل من المدربين أن يستوعبها، فكيف بمدرب واحد ما زال يجهل الكثير عن علاقاتنا الخفية أو يتعامل معها لو أن الله منحه ملكة إجادة القراءة باللغة العربية؟!
كاتانيتش من جانبه لم يعمل إلا بقناعاته وهذه نقطة أسجلها شخصياً لصالحه ، فماذا يفعل أي مدرب غير أن يكون معتدّاً بنفسه يستند إلى مشاهداته ما دام هو المسؤول الأول عن أي مردود سنخرج به من البطولة، وما دام أي طرف آخر يضغط ويحاول فرض كلمته وسيتنصّل عنها حال خروجنا بنتائج سيئة لا سمح الله؟!
لم يتبق إلا القليل من الزمن وتدور عجلة البطولة ويظهر منتخبنا على المسرح الآسيوي .. وأعجب ما في الأمر أن كل من لديه فكرة أو كلمة أو تجريح إتخذ من الأسابيع الماضية فرصته لإنتاج كل هذا الكم من الضغوط والتدخلات، واليوم فقط يعلن أنه لا بد من مساندة المنتخب، ولا بد من الكف عن استهداف المدرب أو لاعبيه!
مفارقة لا أرى مثيلاً لها إلا في العراق .. فمن الممكن عندنا، بشكل حصري، فتح النار على المدرب والمنتخب، والخوض في كل هذا الجدل الطويل في كل التفاصيل، ثم نجتمع على الدعوة إلى مؤازرة المنتخب، لأنه منتخب العراق والعراقيين وعلينا الوقوف إلى جانبه أو خلفه، ولا يجب أن ندعه وحيداً في مطحنة البطولة!