اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بعبارة أخرى: كل هذا الجنون!

بعبارة أخرى: كل هذا الجنون!

نشر في: 13 يناير, 2020: 07:48 م

 علي رياح

ربما تكون الظواهر قريبة حد الالتصاق بنا ، بل إلى الحد الذي نغفل فيه التعاطي مع أساسياتها أو حتى مسمياتها ، وقد طرحتْ مجلة (الأسبوع) التي تصدر في لندن على قرائها وعلى عدد من الإعلاميين في العالم ، سؤالاً عن تلك الأسباب غير الشائعة عن تعلـّق بني البشر بكرة القدم؟!

وأظن أن السؤال كان مرتبطاً بمداخل أو أبعاد فلسفية ، بعد أن ضربت الكرة أطنابها في كل مجتمع ، وصار النجاح فيها مطمحاً لكل أمة ، وأصبحت قضية لاعب أو هدف أو فوز واحد تستدعي تدخلات اجتماعية سياسية تأخذ وعاءً زمنياً طويلاً ربما لا تهدأ بعده الأفكار ، ولا يتفق فيه الجميع على رأي ..

لكنني حين قرأت هذا السؤال ذهبت على الفور ـ ومن دون ترتيب مسبق ـ إلى الفكرة والمضمون في تسمية (كرة القدم) .. وأرجو ألا أكون ثقيلاً في هذا التناول ، وكل ما أريده من القارئ أن يتريّث قبل أن يطلق حكماً ربما يكون قاسياً عليّ لأنني أعبث بالثوابت وأناقش ما لا لزوم إلى مناقشته ..

أريد القول إن كرة القدم تتفرّد بنمط اصطلاحي استثنائي باكتسابها هذه التسمية ، فثمّة رياضات عُرفت بارتباطها بأدوات تدخل طرفاً في مبارياتها كما هو الحال بالنسبة لـ (السلة) في كرة السلة ، فلا يرتبط الاسم بطبيعة الأداء الجسماني .. وهنالك الألعاب التي اكتسبت أسماءها من الحال أو الصفة التي تكون عليها خلال المباراة كما هو الحال بالنسبة للكرة الطائرة ، أي أن التسمية لا ترتبط بممارسها ولا بالأداة ..

وثمة ألعاب تكتسب صفة الإطلاق في التسمية كما نقول الجمباز التي تعني في اللغات القديمة (الرياضة) أو (الرياضي) ..

وهنالك لون رابع من التسميات الرياضية يقترن بمجرد فعل في اللغة كما هو الحال بالنسبة للتنس التي تقول إحدى الروايات إنها مأخوذة من فعل الأمر (خـُـذ) في اللغة الفرنسية ، إذ كان اللاعب يردد كلمة (خــُـذ) حين يرسل الكرة إلى النصف العائد للاعب الخصم ..

وأستطيع أن أستطرد طويلاً وعميقاً في المسمّيات التي تحملها الفعاليات الرياضية ، لكن كرة القدم تتمتع في هذا الميدان بخصوصية استثنائية بالفعل ، فالسؤال الوارد هنا لماذا (القدم) وهو جزء واحد من الرجل التي تتعامل مع الكرة .. القانون يبيح لعب الكرة بالقدم وبالساق والفخذ وبالظهر والرأس ، والجزء الوحيد الذي لا يجوز استخدامه هو اليد، لكن هذا الجزء نفسه يحظى بالكثير من الاستثناء ونراه جزءاً فاعلاً في مباريات كرة القدم حين يتعلق الأمر بوظيفة حراس المرمى أو حين يتولى اللاعب تنفيذ مهمة رمية التماس!

قد أجد معترضين كثراً على هذا التناول لموضوع يبدو بديهياً والى الحد الذي لا يجوز معه مناقشة الثوابت أو العبث بها .. وجوابي إن ما أتناوله ليس سوى جزء من الدراسة الطويلة التي كتبتها وأرسلت بها إلى المجلة .. لكنني ـ بالمقابل ـ لم أنس أن إسم كرة القدم جاء على هذا النحو مستندٌ إلى فكرة فيها الكثير من الفلسفة والعبقرية كما أتصور .. هذه الأداة السحرية الجلدية التي تبهرنا إتخذت من القدم إطاراً للتسمية لسبب وحيد وهو أن القدم هي – في الأغلب الأعمّ - من يتعامل مع الكرة وهي في حالة السكون أو الثبات على الأرض .. هل يمكننا أن نتصور أن الكرة يمكن أن تنتقل من سكونها إذا لم يوظف اللاعب قدمه ؟!

هذا الإطار الفلسفي أو المعنى العميق لم يتجاهله أناس لعبوا الكرة وهي في تلك الصورة البدائية قبل قرون عديدة من عمر الزمن .. ومن دون هذا الإطار أو المعنى لا تصبح تسمية (كرة القدم) مكتسبة ذلك الوصف الكامل الدقيق الذي يتناسب مع طبيعة ممارستها أو مبارياتها ..

ويبقى سؤال أخير: هل كان السؤال عن طبيعة التسمية التي تكتسبها كرة القدم يستحق مثل هذه المساحة؟ أتصوّر أن ولع البشرية بهذا اللون الرياضي الحياتي الممتع لابد أن يثير في أنفسنا كل الأسئلة لمناقشة كل ما يرد في الذهن من خواطر !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

المالكي يبحث عن "نهاية سعيدة".. ولاية ثالثة قبل تقاعده

الترهل الوظيفي يعيق التنمية.. تخمة الموظفين كارثة اقتصادية ارتكبتها الحكومات المتعاقبة

مؤسسة عراق خالي من المخدرات: نسبة التعاطي بين الفتيات غير قليلة!

صورة اليوم

رئاسة إقليم كردستان ترفض العودة القسرية للنازحين العراقيين

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: عقدة تشرين

 علي حسين ظهر علينا مؤخراً المحلل السياسي عماد المسافر في " نيو لوك " متطور، ليحدثنا عن مخاطر من أسماهم " التشارنة "، والرجل يقصد الشباب الذين شاركوا في تظاهرات تشرين التي أزعجت...
علي حسين

كلاكيت: ساذرلاند..الممثل أدى جميع الأدوار

 علاء المفرجي مسيرة ستين عاما، مترعة بمئتي فيلم وعدد من المسلسلات الناجحة، هي حصيلة احد أهم ممثلي السينما بالعالم، دونالد ساذرلاند.. الذي رحل عن عالمنا هذا الأسبوع. هذا الممثل الذي قيلت بحقه الكثير...
علاء المفرجي

البرامج الأكاديمية ودورها في تعزيز الرغبة في التفوق الدراسي

د. طلال ناظم الزهيري ممارسة مهنة التعليم بشكل عام، والتعليم الجامعي بشكل خاص، تضعك أمام تساؤل مهم: لماذا يتفوق بعض الطلاب في الدراسة الجامعية بينما يبدو البعض الآخر أكثر تكاسلاً وعدم مبالاة؟ هذا التساؤل...
د. طلال ناظم الزهيري

غزة - فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي

فواز طرابلسي 1-2 سيمرّ وقت قبل ان يرقى الفكر السياسي، وليس فقط الادب والفن، الى مستوى التعبير عما شاهدنا وشهدنا عليه في غزة والضفة في الاشهر الماضية من وحشية مدرعة بالذكاء الاصطناعي تواجهها بسالة...
فواز طرابلسي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram