اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بعبارة أخرى: حالـة عـجـز مُعـلـنة!

بعبارة أخرى: حالـة عـجـز مُعـلـنة!

نشر في: 30 مارس, 2020: 06:25 م

 علي رياح

ما أحوجنا إلى الصبر .. إنها الوصفة البعيدة عن متناول كثير منا ، فالسر الحقيقي للصبر أن تجد شيئاً تفعله خلال الوقت!

والحياة ، بالنسبة لكثير منا ، ثمن باهظ ولكنها تستحقه ، لكنها كتلة من الوهج قد تغيب في بحر من المجهول الذي نعيشه اليوم ، وهو ليس سوى مسافة بين عيش معلوم فيه حذر وقلق ومصير قد يَكتب لبعض أو كثير منا الانطفاء في أية لحظة .. وهذه هي الفرصة السانحة ، والإجبارية أيضاً ، والتي يجدها كل منا لكي يخوض في مراجعاته .. يجري جردة الحساب الطويلة لعمر قد لا يتبقـّى فيه بعد اليوم أكثر مما مضى!

لست هنا في صدد فلسفة العزلة التي نعيشها حفاظاً على أرواحنا وأرواح من نحب ومعهم كل من يحيط بنا من الناس ، لكنه أمر جلل لم يعشه هذا الجيل أو حتى أجيال سبقته .. كورونا يترك كل هذا الأثر فينا ، وقد سبق بامتداده وفداحة خطره كل الأخيلة الجامحة .. ومن عجب أن خيارات المواجهة المحدودة معه ، تتيح لنا خيارات مفتوحة ومديدة لتأمل عجزنا المعلن الذي لا نملك إزاءه إلا التشبّث برحمة الباري الذي يملك بيده الحياة والموت!

لكني تنبّهت – وكان يجب أن اتنبه – إلى أن هذا العجز الذي نحن فيه منحني فرصة الخوض في ما يجول في قلوب أناس عرفتهم طويلا في دروب الحياة والمهنة .. وتحديدا في فضائنا الرياضي .. لقد عرفتهم طويلا ، أو هكذا تخيّـلت أو أوهمت نفسي ، لكني لم أدرك مكامن الضعف في النفس البشرية إلا بعد البوح بخبايا وأسرار وأخطاء وخطايا دفينة انتزعتها هذه الفاصلة الزمنية من بئر عميقة مثل الصندوق الأسود!

قلت هذه أيام يهطل فيها المطر كثيراً .. أعني مطر الاعترافات .. بعضنا يرى في وباء كورونا فرصة للتجرّد من خطأ أو أخطاء مزمنة لاحقته في الأمس ، وقد عقد العزم على ألا يعود إليها مرة أخرى إذا كتبت له النجاة هذه المرة .. هناك من ردّد على مسمعي المثل الايرلندي : (حاول أن تعيش حياتك بأقصى ما تستطيع من الصدق مع الذات ، لكي لا يأتي يوم تخفي فيه دفتر مذكراتك) !

سمعتها من أصدقاء وزملاء قريبين إلى النفس .. ففي وسطنا الرياضي نخوض سباقنا اليومي الذي نجري فيه وراء الخبر والسبق وربما (المصلحة) .. وقد جرّنا السباق الرياضي هذا ، إلى سباق آخر كنا نكسّر فيه مجاذيفنا ، ونمعن في الضرب تحت الحزام ، والنتيجة أننا رمينا تقاليد المهنة تحت أقدامنا ، متناسين أن السباق في الصحافة يستوعب الجميع وفق شروط نبيلة لا تخدش صورة المهنة لدى من نتعاطى معه وهو القارئ الذي لا يهمه في أول الأمر وفي خاتمته كيف ننسج علاقتنا ونتكالب ونتدافع بعيدا عن أعمدة الصحف ، فما يهمّه بالدرجة الأساس أن يطالع صحافة نظيفة تنقد ولا تجرح .. صحافة تنقل الحقيقة ولا تنقل (وباء) صراعات المهنة إليه!

في عزلتي البيتية ، أعيش (المراجعات) اليوم مع جانب من زملاء المهنة .. بالمجمل نحن نعترف في مراجعاتنا بذلك الميزان الذي اختلّ في أعماقنا .. وفي عجزنا الحالي ، وإذا انجلت هذه الغمّة بمشيئة الباري عز وجل ، لا أملك إلا أن اتفاءل في أن ننصلح من دواخلنا قبل أن نصلح سوانا ، وأحاول التشبّث بحبال الأمل .. فالمتفائل يمسك بقليل أو كثير من الهمة حتى منتصف الليل ليتأكد من أنه يمضي قدماً نحو يوم جديد ، بينما المتشائم يسير حثيثاً نحو منتصف الليل ليتأكد من أن يوماً كاملاً قد انقضى من عمره! 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

فشل الذكاء الاصطناعي في مضاهاة الخلق الأدبي والفني

قناطر: بين خطابين قاتلين

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

يا أيام بنطال "الچارلس".. من ذاكرة قلعة صالح في سوق الخياطين

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان

العمودالثامن: عقدة تشرين

 علي حسين ظهر علينا مؤخراً المحلل السياسي عماد المسافر في " نيو لوك " متطور، ليحدثنا عن مخاطر من أسماهم " التشارنة "، والرجل يقصد الشباب الذين شاركوا في تظاهرات تشرين التي أزعجت...
علي حسين

كلاكيت: ساذرلاند..الممثل أدى جميع الأدوار

 علاء المفرجي مسيرة ستين عاما، مترعة بمئتي فيلم وعدد من المسلسلات الناجحة، هي حصيلة احد أهم ممثلي السينما بالعالم، دونالد ساذرلاند.. الذي رحل عن عالمنا هذا الأسبوع. هذا الممثل الذي قيلت بحقه الكثير...
علاء المفرجي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram