اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بعبارة أخرى: إرثنا الرياضي .. المَـنهوب!

بعبارة أخرى: إرثنا الرياضي .. المَـنهوب!

نشر في: 27 إبريل, 2020: 08:44 م

 علي رياح

أخشى أن يأتي عام 2050 ولن نجد في الجيل المقبل أو الذي سيليه من يمتلك القدرة والحجّة والوثيقة والقول الفصل للحكم على أحداث أو مفارقات أو مساجلات تجري بيننا اليوم ونحن في عام 2020!!

وقد استخدمت مفردة (منهوب) وربطتها بالإرث الرياضي العراقي، لأن النهب يمكن أن يتمّ بفقدان الذاكرة ، أو ضياع الوثيقة، أو تلاشي ملامح الحدث بفعل الزمن ليصبح نسياً منسيا، بعد أن عجزت أية مؤسّسة حكومية أو رياضية أو مدنية عن الحفاظ على الكثير من الجوانب التاريخية التي يمكن الاستناد إليها باطمئنان تام أو العودة لها من دون أن يتسلّل الشك إلى قلوبنا أو حساباتنا!

أرسل لي الزميل الإعلامي المصري عمرو فهمي نسخة من المجلة الشهرية التي كان يصدرها الاتحاد المصري لكرة القدم، وهي تعود إلى شهر كانون الأول من عام 1979 .. وفيها حلقة من مذكّرات نجم الكرة المصري الأسبق حنفي بسطان ويتحدّث فيها عن زيارة المنتخب العسكري المصري إلى بغداد عام 1954 ويقول بالنص:

- كانت المباراة بين مصر والعراق في البطولة العسكرية ببغداد في بداية عام 1954، وعندما وصلنا إلى بغداد وجدنا كل العراق في استقبالنا.. كان الاستقبال عظيماً والحفاوة بالغة، والكرم لا حدود له.. كان رئيس البعثة الفريق أحمد حليم إمام وكنت أنا رئيس الفريق .. وأثناء سيرنا في شوارع بغداد ، إذ بسيارة صغيرة سبورت جميلة تقف بجانبنا ، وينزل منها الملك فيصل ، ويصافحنا واحداً واحداً بحرارة ويسألنا عن المباراة ويشيد بعظمة مصر حضارياً ، وتمنى لنا التوفيق ، ومضى..

ثم يضيف : في اليوم التالي لبّينا دعوة لحضور حفل صيد (ابن آوى) .. وذهبنا إلى المكان الذي سيبدأ منه السباق ، فإذا بالأمير عبد الإله يصافحنا بحرارة ، ويذكـّرنا بأيامه التي قضاها في مصر .. ثم ذهبنا لمشاهدة سباق الخيل ، وكان مثلما يحدث في مصر بالضبط ، إلا أننا لاحظنا شيئاً غريباً ، وهو أن بعض المتفرجين كانوا يجرون بجوار الخيول التي يراهنون عليها!!

ثم يصل (بسطان) إلى النقطة التي لفتت انتباهي وأثارت عدم ارتياحي ، يقول : في ليلة المباراة فوجئت بمن يطلبني في بهو الفندق ، فنزلت من حجرتي لأجد رئيس الفريق العسكري العراقي ، ومعه طلب غريب!! .. طلب الفريق العراقي رسمياً اعتباره مهزوماً ، فهو متنازل عن نتيجة المباراة رسميا لكي نلعب مباراة ودية تتيح للجمهور الغفير الذي أقبل على مشاهدة المباراة للاستمتاع بالفن الكروي المصري الحقيقي دون انفعال .. فاتصلت بالفريق أحمد حليم إمام (رئيس البعثة) في غرفته ، والذي نزل وانضم إلينا ، وكان لابدّ من كتابة وثيقة كتابية بهذا المعنى يوقع عليها طرفا المباراة وحكم المباراة والمراقب الدولي للمباراة .. وكان هذا الطلب هو الأول من نوعه .. ولعبنا مباراة ودية - بعد اعتبار العراق مهزوماً قبل اللعب - وحضر المباراة جمهور غفير للغاية وعلى رأسه الأسرة المالكة العراقية وكل المسؤولين!!

والآن أتساءل : هل بين يدينا الآن وثيقة تدحض مزاعم النجم الكروي المصري الأسبق أو تؤيدها؟ لقد رحل جميع من لعب تلك المباراة من فريقنا العسكري ، فصار مستحيلاً أن نجد شاهداً واحداً حيّا ينفي أو يؤكد ما جرى ، وهو أمر غريب ومستهجن وغير مقبول على أي صعيد .. أو فيه مبالغة وربما تدليس وكذب ، وهذه وجهة نظري الشخصية!

لو كان لدينا إرث رياضي يستند إلى الصورة والوثيقة ، لكان متاحاً لنا الرد على مذكرات نـُشرت قبل (41) سنة عن مباراة جرت قبل (66) سنة!!

ولكن منظومتنا الرياضية – منذ القدم – لم تعر أذنا أو اهتماماً أو توثيقاً رسمياً لمثل هذه الحوادث أو التفصيلات ، فضاع الكثير جداً من تاريخنا الرياضي .. ضاع بالإهمال الحكومي والرياضي المتعمد ، كما أنه كان نهباً للنسيان والإهمال والتلاشي والاندثار عبر عقود طويلة من الزمن!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

المالكي يبحث عن "نهاية سعيدة".. ولاية ثالثة قبل تقاعده

الترهل الوظيفي يعيق التنمية.. تخمة الموظفين كارثة اقتصادية ارتكبتها الحكومات المتعاقبة

مؤسسة عراق خالي من المخدرات: نسبة التعاطي بين الفتيات غير قليلة!

صورة اليوم

رئاسة إقليم كردستان ترفض العودة القسرية للنازحين العراقيين

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: عقدة تشرين

 علي حسين ظهر علينا مؤخراً المحلل السياسي عماد المسافر في " نيو لوك " متطور، ليحدثنا عن مخاطر من أسماهم " التشارنة "، والرجل يقصد الشباب الذين شاركوا في تظاهرات تشرين التي أزعجت...
علي حسين

كلاكيت: ساذرلاند..الممثل أدى جميع الأدوار

 علاء المفرجي مسيرة ستين عاما، مترعة بمئتي فيلم وعدد من المسلسلات الناجحة، هي حصيلة احد أهم ممثلي السينما بالعالم، دونالد ساذرلاند.. الذي رحل عن عالمنا هذا الأسبوع. هذا الممثل الذي قيلت بحقه الكثير...
علاء المفرجي

البرامج الأكاديمية ودورها في تعزيز الرغبة في التفوق الدراسي

د. طلال ناظم الزهيري ممارسة مهنة التعليم بشكل عام، والتعليم الجامعي بشكل خاص، تضعك أمام تساؤل مهم: لماذا يتفوق بعض الطلاب في الدراسة الجامعية بينما يبدو البعض الآخر أكثر تكاسلاً وعدم مبالاة؟ هذا التساؤل...
د. طلال ناظم الزهيري

غزة - فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي

فواز طرابلسي 1-2 سيمرّ وقت قبل ان يرقى الفكر السياسي، وليس فقط الادب والفن، الى مستوى التعبير عما شاهدنا وشهدنا عليه في غزة والضفة في الاشهر الماضية من وحشية مدرعة بالذكاء الاصطناعي تواجهها بسالة...
فواز طرابلسي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram