علي رياح
واضح أن (حقيبة) الرياضة والشباب كانت الأثقل إيقاعاً في إجراءات الاختيار والتكليف ، لأنها في نظر كثير من السياسيين حقيبة لا تسمن ولا تغني من جوع ، فقد جَـفَّ ضرعها ، ويَبُست ينابيعها!
أنظروا إلى العجب العجاب ، وحصراً في العراق وحده ، كيف كانت وزارة الشباب والرياضة خلال الأسابيع الماضية هي الأوسع استقطاباً لسؤال الناس ، واهتمامهم ، وربما قلقهم أيضاً ، بينما رأينا أنها لا تعدّ شيئاً مذكوراً في الميزان السياسي العام!
مؤكداً أنكم رأيتم كيف أن النسبة الجارفة من العراقيين لم تسأل عمّا حلَّ بوزارات أخرى تدخل في صميم حياتهم ومعيشتهم وأمانهم ، ولكن كان السؤال دوماً عن الوزير المقبل لقطاع الشباب والرياضة!
المزاج السياسي في العراقي (يُدمن) ممارسة الجحود بحق الرياضة والشباب على مدى الزمن .. ربما منذ تولي العميد عبد الهادي الراوي وزارة الشباب عام 1967 ، وهو أول وزير لهذا المجال في تاريخ الحكومات العراقية ، إذا لم أكن مخطئاً .. ومن المنصف – بالنسبة لي على الأقل – أن أعدّ الوزير كريم محمود حسين الملا ، طيب الذكر ، استثناءً يستحق الفخر على هذا الصعيد ، إذ كان مندفعاً على نحو شخصي ذاتي نحو هذا المجال ، ومن عاش زمن ذلك الوزير يدرك أنه قدم الكثير في كل وقته وعند كل منعطف من سنواته الوزارية!
حقيبة وزارة الشباب والرياضة ، وبدلاً من أن تكون مصدر إغراء للسياسيين كي يلجوا هذا الميدان وخدمة شعب تغلب عليه الصفة الشبابية ، يتمّ التعامل معها وكأنها كرة لهب يرفض الجميع تلقـّفها أو الإمساك بها ، بل يتهربون منها خشية الاحتراق!
مرَّ علينا جمع كبير من الأسماء المسرّبة هذه المرة لتولي موقع الوزير .. وكانت وسائل التواصل الاجتماعي والتسريبات تضجّ بالأسماء المرشحة .. أحمد راضي ، حسين سعيد ، باسل كوركيس ، أيوب أوديشو ، شرار حيدر ، علاء عبد القادر ، وهناك من تحدث عن إمكانية عودة الوزير السابق عبد الحسين عبطان ، فردّ عليه جمع آخر بالحديث عن بقاء الوزير الحالي أحمد رياض في موقعه .. وبالطبع كانت لدينا أسماء أخرى لا صلة لها بما هو معروض على الكتل السياسية ، إنما هي استمرأت (اللعبة) وراحت تحشر نفسها وسط الترشيحات ، فإذا لم تنل شيئاً من الحقيبة ، فلا أقلّ من فوزها بنصيب من الترويج والشهرة التي لم تكن تتعدّى أياما أو سويعات نظراً للتحديث المتواصل للمعلومات والترشيحات والتسريبات المجانية .. قبل أن يتصدر نجمنا الكبير عدنان درجال (تريند) الترشيحات بين أهل الرياضة إلى جانب أسماء سياسية أخرى مجهولة بالنسبة لنا عند لحظة دفع هذا المقال إلى الصحيفة!!
لو كان لدينا وعي حقيقي بأهمية قطاع الشباب والرياضة ، لرأينا أقطاب السياسة وهم يخوضون كل صعب وعسير من أجل الوصول إلى هذه الوزارة والاستثمار الاجتماعي والمعنوي والإعلامي وحتى السياسي فيها وخدمة أهلها بنوايا خالصة ، ولكن منطق السياسيين عندنا يقول : نحن نعمل ونشقى ونكابد من أجل الحصول على صوت واحد في الانتخابات البرلمانية ، فكيف نفرّط بمقعد وزاري لا يحمل المغانم السريعة الملموسة؟!
وأختم بهذه السطور: يذكر صديق لي يعمل في السياسة أنه كان جالساً مع مسؤول حزبي يعمل معه ، حين تمّ الاتصال به لإبلاغه تولي وزارة الشباب والرياضة في إحدى الدورات السابقة .. كان ردّ المرشح للاستيزار : (شراح يطيح إلنا من هالوزارة ) والترجمة باللغة العربية الفصحى: كمْ سنجني من المال هذه الوزارة؟!