اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: متى يلقي المعارضُ الفاشلُ سلاحه؟

قناطر: متى يلقي المعارضُ الفاشلُ سلاحه؟

نشر في: 27 فبراير, 2024: 10:44 م

طالب عبد العزيز

مع أنها جملة كريهة إلا أنَّها صادقة جداً، تلك التي قالها رئيس البرلمان الاسبق د. محمود المشهداني في إحدى لقاءاته: " نحن لم نأت لنبني، أبداً، نحن جئنا لنهدم، نحن مازلنا نعمل بعقلية المعارضة، وهل تبني العقلية الثأرية بلداً؟ " وهي التعبير الأدق عن ما يفعله الكثير من السياسيين الفاعلين في العراق، والزعامات المسلحة بخاصة، التي تنشغل بإدارة الصراع أكثر من انشغالها بمستقبل البلاد، وحاجة الناس الى العيش الكريم الآمن.

الجماعات التي ناكدت محافظ البصرة اسعد العيداني، وأرادت أن توقعه خارج موقعه الذي حازه عبر صناديق الاقتراع هي ذاتها التي مازالت تفكر بعقلية المعارضة، وتستقوي بالبندقية، وترى بأنَّ إدارة البلاد غنيمةٌ لا يحقُّ لأحد الاستئثار بها، وكل حديث مكتوب ومقروء من قبل الجماعات تلك عن مستقبل العراقيين والخشية على المال العام والحرية والديمقراطية والسيادة ووو هو حديث ثأري، غايته الهدم، وقد لا تكتفي بالتخوين وكيل التهم الى هذا وذاك فتذهب الى البندقية والمسدس الكاتم، لإنتزاع ما تحلم به، وتريد أخذه.

لا يمكن إختزال نوايا البناء بوجود الحزب والشخص على هرم السلطة، فالقواعد الديمقراطية تقتضي وجود المعارضة السياسية، وتؤكد أهميتها في البناء والتطور، وقد يكون الوجود خارج السلطة أكثر أهمية من الوقوف على رأسها. يحسب لرئيس الوزراء السوداني انه جاء من أدنى مراتب الوظيفة الادارية، فقد كان موظفاً بسيطاً، ومدير ناحية بمدينة العمارة، قبل أن يكون وزيراً، ونائبا في البرلمان، ورئيس مجلس الوزراء فيما بعد. المنصب الذي بلغه نتيجةً لعمله وإخلاصه وأمانته وحرصه، وبذلك سنكون مع شخصية عراقية مختلفة، خرجت من رحم المعاناة والالم، فلم نعرف عنه انه عاش خارج العراق، ولم يأت من عقلية المعارضة المريضة.

وبوضوح تام، فقد أثبتت الجماعات الدينية المسلحة على أنها غير قادرة على إدارة البلاد، وأنَّها تفتقر الى العقل والحكمة وصناعة الحكم الوطني. الآن، وقد تكشفت الاوراق، ولم يعد السلاحُ مجدياً في رسم صورة واقعية للعراق، وأنَّ السلاح المدَّخر زوراً لتخليص لتحرير القدس من اسرائيل والعراق من هيمنة الولايات المتحدة الامريكية لا قيمة له، في ظلِّ الوثائق الموقعة بين العراق وأمريكا، وأننا دولة مرهونة نفطياً واقتصاديا ومالياً، وأنَّ أيَّ فعل مسلح أحمق سيأتي بنتائج كارثية على البلاد والعباد، وهذه حقيقة قائمة لا يدحضها عاقل ببندقية أو بغيرها، وأنَّ العلاقة التخادمية من طرف واحد مع إيران تضر بمصلحة البلاد، وتحرج سياسته، إن لم تعرقل مسيرته في البناء والاستقلال والسيادة، والشعب أمام وقائع لا يمكن القفز عليها، ترى لماذا يشهر السلاح بمناسبة أو بدونها؟ ولماذا تحرص الجماعات تلك على ترديد النغمة النشاز بنصرة فلسطين وغزة وطرد المستعمر؟

لا يمكن فصل محاولة إغتيال رئيس مؤسسة المدى فخري كريم الاخيرة، بعد مغادرته معرض الكتاب ببغداد عن مجمل التفاصيل آنفة الذكر، فحلقات القتل التي تستعاد الآن تستهدفُ الرجل صاحب المشروع الثقافي التنويري الاول في العراق، ومعلوم لدى النخب الثقافية العراقية والعربية الدورُ الذي قامت به المؤسسة، ومن خلاله في فضح الآلية المتخلفة التي تدار بها البلاد، وتردي حال ساكنيها، وتراجع دور العراق المعروف بثقله كفاعل في المنطقة، بل وضلوع الجماعات المسلحة بقمع وإجهاض ثورة تشرين، وقتل المتظاهرين. هي محاولات قائمة في عقل المعارض، الممسك بالبندقية، والساعي الى السلطة وإن كان الدم سبيلاً لها، هذا المخلوق الذي يشعر بتهديد المدنية له، ويجد في القلم والكتاب والعطر والحديقة العامة والبناء الجميل وفسحة الأمن الصغيرة تقويضاً لمشروعه أما آن له أنْ يرعوي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. عدي باش

    يجب الكف عن ترديد (قوانة) عراقيو الداخل و الخارج المشروخة .. ليس كل من تهجر قسرياً خائناً

  2. عدي باش

    مثلما ليس كل مَن أضطر للبقاء في العراق وطنياً .. مقياس الوطنية ، يا ابن وطني ، هو مقارعة الظلم و الإستبداد ، و هذا ما فشل فيه (السوداني) !!!

يحدث الآن

اليوم ..خمس مباريات في انطلاق الجولة الـ 36 لدوري نجوم العراق

بدء التصويت في انتخابات فرنسا التشريعية

"واتساب" يختبر ميزة جديدة عند الفشل بارسال الصور والفيديوهات

تطوير لقاحات جديدة للقضاء على الحصبة نهائياً

الأونروا: سكان غزة فقدوا كل مقومات الحياة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: جمهورية بالاسم فقط

 علي حسين ماذا سيقول نوابنا وذكرى قيام الجمهورية العراقية ستصادف بعد أيام؟.. هل سيقولون للناس إننا بصدد مغادرة عصر الجمهوريات وإقامة الكانتونات الطائفية؟ ، بالتأكيد سيخرج خطباء السياسة ليقولوا للناس إنهم متأثرون لما...
علي حسين

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

قناطر: بين خطابين قاتلين

طالب عبد العزيز سيكون العربُ متقدمين على كثير من شعوب الأرض بمعرفتهم، وإحاطتهم بما هم عليه، وما سيكونوا فيه في خطبة حكيمهم وخطيبهم الأكبر قس بن ساعدة الإيادي(حوالي 600 ميلادية، 23 سنة قبل الهجرة)...
طالب عبد العزيز

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram