اعتاد مسؤول كروي رفيع على تسمية مسابقتنا الكروية المحلية الأهم (الدوري المنتاز) ، برغم ما كان يصله من تصحيحات تستوجب سلامة النطق والكتابة وهو الذي يضطلع بدور رئيس في إدارة شؤون الكرة!
لكن استبدال الميم بالنون ظل مقيماً راسخاً في الاستخدام ، وهو أمر يذكرنا بالاستعاضة بالكثير من الظواهر السلبية التي تستشري في الواقع الكروي لدينا منذ سنوات عدة بدلاً من تلك الصور الايجابية عبر التاريخ ، حتى باتت الاستثناءات تشكل لدينا الأساس ، ولم يعد اتحاد الكرة بكل سلطته ولوائحه الداخلية قادراً على التصرّف في اللحظات الصعبة وما أكثرها في موسمنا الحالي ، والتي أنسبُ الكثير منها إلى تراخي الاتحاد في تنفيذ قراراته التي يتخذها ، بسبب لغة المحاباة والمصالح التي باتت تحكم العلاقة بين الاتحاد والأندية المشاركة في الدوري!
التلويح بالانسحابات ، ومن ثم تنفيذها لسبب أو لآخر ، صار الظاهرة الأبرز في الموسم الحالي .. وقد مرّت علينا أسماء أندية قالت في يوم ما إنها ستنسحب وستودع المسابقة من دون الالتفات إلى أي قرار يتخذه الاتحاد .. بينها أربيل ، الحدود ، النجف ، الميناء ، الطلبة ، الكرخ وغيرها ، وقد جاء قرار نادي زاخو بعدم استكمال مباراته أمام ضيفه القوة الجوية ليكون حلقة أخرى من مسلسل ممل بات يتهدد الكرة العراقية ككيان وحضور ، والسبب دوماً في الازدواجية التي هيمنت على قرارات الاتحاد والتي جاءت متباينة إزاء حالات متماثلة .. وبالنتيجة صار متاحاً لأي ناد أن يعترض وأن يلوّح بالانسحاب ، لأنه يرى في أي قرار تلك المحاباة التي تحاسب طرفاً بشدة وتغض النظر عن طرف آخر ارتكب الخطأ نفسه!
هذا التراكم في الأخطاء الاتحادية ، فتح على المؤسسة التي تدير شؤون الكرة أبواباً متتالية حملت سمة الانتقاد أو الاتهام ، ولم يكن رد الاتحاد حتى هذه اللحظة مقنعاً ، هذا إذا لم يكن السكوت طبعاً وموقفاً في لحظات تستدعي التوضيح لإزالة اللبس!
الأصل في مشكلة ما يحدث على صعيد الدوري ، يعود إلى تركيبة اتحاد الكرة وأعني ارتباط معظم أفراد مجلس إداراته بأندية تلعب في الدوري ، بعضها ينافس وآخر يبحث عن طوق النجاة قبل الهبوط إلى الدرجة الأولى .. وكثير مما يتسرب من اجتماعات الاتحاد يثبت أن تقاطع الإرادات انتقل من ساحة اللعب والبحث عن الهدف والنقطة إلى مجلس الإدارة . وفي الاجتماعات الأخيرة لم يكن الهاجس لدى الاتحاد إنقاذ الموسم إلا من رغبات بعض أعضائه ، في حين يفترض أن يمرّ الاجتماع على قضايا الساعة الكروية وخصوصاً ما يتعلق بالمنتخبات المتعددة التي تنتظرها مشاركات عدة ستنطلق قريباً وسط غموض برامج الإعداد والتدابير!
كلنا يعرف شكل الطريق الذي سلكته انتخابات اتحاد الكرة الحالي عام 2014 وكيف التقت الكتلتان المتنافستان في نهاية الأمر عند مجلس إدارة واحد .. كنا نقول إن صندق الاقتراع الذي أوجد الخنادق المتقابلة ، سيؤدي إلى صيغة مقبولة من التوافق والانسجام داخل مجلس إدارة الاتحاد ، مادام الكل يبحر في مركب واحد .. لكن تصوراتنا ، أو حتى افتراضاتنا كانت خاطئة تماماً ، فمنذ اليوم الأول من عمر الاتحاد الحالي يدور صراع خفي أو معلن لفرض الإرادات في كل قرار ينبثق عن أي اجتماع للاتحاد ، وهنا كانت بداية الضعف الشديد الذي اتـّسم به أداء الاتحاد ، وانعكس على الليونة والترهل في قراراته ، والنتيجة هي ما نراه منذ أسابيع من فوضى انصبّ جانب منها على الدوري ، وأخشى أن يكون الأمر كذلك على صعيد منتخباتنا الكروية.
الـدوري .. (الـمـنـتـاز) !
[post-views]
نشر في: 30 يناير, 2017: 09:01 م