علي رياح
ليس ثمة ما يمنع من لعب الكرة بالرأس، في كرة القدم، رغم أن اسم اللعبة لا يوحي بعلاقة (اشتقاقية) بين الكرة والرأس!
وهذه الأسطر القليلة ما هي سوى (خلاصة) توصل اليها ثلاثة من كبار النجوم السابقين للكرة العالمية.. الألماني كارل هاينز رومينيغه.. والهولندي رود خوليت.. والويلزي إيان راش، وهم ثلاثة من أفضل المتعاملين مع الكرة بالرأس خلال العقد الثمانيني.
ويتفق الثلاثة في ندوة (طريفة) نظمتها مجلة (فوتبول توداي) أي (كرة القدم.. اليوم) على أن من الواضح لدى متابعي الكرة وليس ممارسيها فقط أن لعب الكرة بالرأس سواء في إرسالها للزملاء، أو حتى في التصدي للكرات المرسلة من قبل الفريق الخصم.. يضفي جمالية ورونقاً على مباريات الكرة.
واشترك مع الثلاثة في الندوة الدكتور سبانباور الذي عمل مشرفاً طبياً على فريق بايرن ميونخ العتيد الألماني، فألقى حجراً كبيراً في البركة الراكدة وكاد يقلب مضمون الندوة على غير ما أرادته المجلة. لقد قال سبانباور (إن هناك ثمناً يدفعه اللاعب الذي يتصدى للكرات القوية برأسه ، إذ أن وزن الكرة يبلغ (452) غراماً.. وأحياناً يزداد هذا الوزن إذا تعرضت الكرة للمطر أو الوحل.. وهذا الوزن يدفع بعض الأطباء الرياضيين إلى القول إن الدماغ يتأثر من لعب الكرة بالرأس تماماً كما يتأثر الرأس باللكمات في الملاكمة) .
ولم يدع رومينيغه هذه الفكرة (اللعينة) تأخذ النقاش إلى حالة التخوف من ضربات الرأس فسرعان ما أدلى بدلوه بالنص: (لا تنس يا دكتور أن صناعة الكرة تحسنت كثيراً وأصبحت تصنع من مادة غير قابلة لامتصاص الماء. هذه نقطة. أما النقطة الأخرى فهي الاختلاف الكبير بين الملاكم ولاعب الكرة فالملاكم يتلقى في النزال الواحد ما معدله التقريبي (100 - 150) لكمة على رأسه، وهي لكمات شديدة وعنيفة يتلقاها من مسافة قريبة، يتفاداها حيناً، وتهوي على رأسه أحياناً أخرى، في حين أن لاعب الكرة لا يفاجأ بها إلا نادراً، فهو يستعد لها بشد عضلات عنقه ويتحفز لصدها، ويعرف جيداً كيف يخفف من عنفها، بل ويتقن أيضاً طريقة امتصاص قوتها) .
أما خوليت الذي قيل إن كرته التي أرسلها برأسه إلى مرمى داساييف في نهائي بطولة أمم أوربا عام 1988 قد تقلـّـصت إلى نصف حجمها بفعل قوة رأسه، فيرى (أن أشد الكرات قوة وتأثيراً على اللاعب هي الكرات السريعة المفاجئة التي يتلقاها من مسافة قريبة ، ومنها مثالاً، عند تنفيذ ضربة حرة يكون اللاعب واقفاً مع زملائه ليشكل حائطاً على مسافة (9,15) أمتار ، أو تلك الكرة التي يسددها الخصم بضراوة إلى المرمى فتصطدم برأسه) .
كان نقاش النجوم الثلاثة نافعاً للغاية وهم يتناولون جانباً مهماً من جوانب أداء الكرة. وكانت عباراتهم (مثقفة) للغاية، والأرقام لا يعرفها إلا الراسخون في علم الكرة. فعلى سبيل المثال، حسم اللاعب الويلزي إيان راش الحوار في الندوة بالحقيقة التي لم تكن مثار الاختلاف.. الحقيقة التي تقول إن الكرة رياضة ممتعة بسبب المرونة التي توفرها لممارسها، في لعب الكرة بالقدم أو الرأس. واكتفى بتقديم شهادة مفادها (إن معدل عدد الأهداف التي أحرزت بالرأس في بطولات كأس العالم الأخيرة لا يتجاوز الـ (15) هدفاً ، وهذا الرقم يمثل مؤشراً لا خلاف عليه على أن مخاطر لعب الكرة بالرأس محدودة ولا تكاد تذكر في كثير من الأحيان ، ولا حاجة لمثل هذا هلع الذي يثيره (العلماء) بين حين وآخر!