اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كلاكيت: جائزة رائد محسن السينمائية

كلاكيت: جائزة رائد محسن السينمائية

نشر في: 15 فبراير, 2023: 11:34 م

 علاء المفرجي

تمتد علاقتي بالممثل البارع رائد محسن منذ منتصف الثمانينيات، يوم أعتلى خشبة مسرح المنصور، ولكن أي اعتلاء؟ فهو لم يرتق خشبة هذا المسرح -وهو لم يزل طالبا-كأمنية في اعتلائه، كانت تراود أي طالب فن مبتدئ مثله، لكنها بالنسبة له،

أنه ارتقى هذه الخشبة مثل ارتقاء مجد عظيم، فقد وجد نفسه فجأة جنبا الى جنب مع أساتذته وأي أساتذة؟ يوسف العاني، سامي عبدالحميد، جعفر السعدي، خليل شوقي، عبد الواحد طه . وهؤلاء هم من أسس فعلا المسرح العراقي ومنحه هويته المتميزة في العالم العربي. وهم يخوضون تجربة (الانسان الطيب) مسرحية بريخت، بإدارة المخرج عوني كرومي، وهي تجربة كانت بالنسبة له تحد كبير، من جهة أنها تجربته المحترفة الأولى، وأيضا لوقوفه مع عمالقة المسرح العراقي والعربي. هذه التجربة الفريدة لرائد محسن منحت جيلنا الذي ينتمي اليه رائد، المزيد من الإصرار والقوة لتأكيد ذاته، في لجة حرب عبثية صنعها (دكتاتوريان) في بداية حكمهم، وكنا نخوضها مجبرين في تلك الأيام.

تجربة منحت رائد محسن أساسا قويا في المسرح، ذلك أن معالجة الممثل العراقي للشخصية الدرامية في مسرح (بريخت) الملحمي، وخصوصاً تلك التي في مسرحية ( الإنسان الطيب) ، وهل تتطابق المعالجة مع طروحات ( بريخت ) بشأن عدم التقمص من قبل الممثل، والوقوف بمعزل عن الشخصية ، وحيادية المتفرج في التطابق أو التعاطف مع الشخصية ، والنظر اليها نظرة فاحصة. وهذا درس حفظه رائد جيدا، من اليوم الأول الذي صار فيه المسرح قدره. وهو ما جعل مخرجو المسرح يتسابقون عل الاستعانة بموهبته لنجاح أعمالهم.

فرائد من أولئك الممثلين الذين يستبطنون دواخل الشخصية المراد تجسيدها، فيمنحها الفرادة في الوجود، لتكون خالدة في الذاكرة، فالممثل المجتهد، هو في قدرته على عرض وإضافة أفعال بشرية، وتوليد مشاعر إنسانية محددة، وواقعية بالتأكيد (سلوك/ فعل)، بواسطة مهاراته الفنية، وضمن ظرف حياتي معطى. والموهوب من الممثلين، هو ذاك الذي يمتلك القدرة على فهم وخلق طبيعة بشرية حقيقية، وتوليد مشاعر وأحاسيس صادقة، وإعادة إنتاج شخصيات وأنماط إنسانية لا حدود لها.

وماذا إذا كانت الجائزة التي منحت لرائد هذه المرة عن دور له في السينما؟، إضافة لجوائزه الكثيرة في المسرح. وهو المقل في هذه الفن قياسا للمسرح والتلفزيون. نعم هنا اثبت رائد محسن انه ممثل تمرد على ما يسمى بـ (الوحدة الشعورية) في المسرح والتي تتطلب فصلا مسرحيا طويلا كاملا، ليجعلها قصيرة تُحسب بالثواني في السينما، وفي الحالتين أجاد.

تابعت تجاربه في السينما مع ملاك عبد علي في (سلايد)، ومع سعد العصامي في (آخر السعاة)، لأجده فيهما ممثل يمتثل لشروط الإداء في السينما مثلما أمتثل لها وأجاد في المسرح. رغم التباين الكبير فيهما. فالمسرح والسينما ورغم كونهما وسيطاً ناقلا للفعل التمثيلي المعبر عن الانفعالات، لكن لكل منهما تقنياته المختلفة، التي تفرض على نفسها على شكل هذا الفعل سواء في السينما أو المسرح.

ورائد حفظ جيدا هذه التقنيات بين الاثنين (المسرح والسينما)، ليظهر انفعالاته بتغير الحالة وتغير اللقطة، كما يريدها متلقي الفيلم، بتأثير زاوية الكاميرا أو حجم الكادر أو كلاهما معا.

رائد محسن ممثل يجمع الجانب الذكري والانثوي في موهبة التمثيل وأعني بهما الغريزة والحدس، وهو الجانب الغامض، والعقل والبرهان، وهو جانب الصنعة والتقنية. فليس غريبا أن ينافسه ممثل بطراز (دريد لحام) أو غيره من النجوم الكبار، فهو بذلك يستحق أي جائزة على أدائه في السينما أو المسرح. وهي لا شك إشارة لمخرجي السينما في أن يضعوا اسم (رائد محسن) دائما في اختيارهم للشخصية البطلة في أعمالهم السينمائية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: جمهورية بالاسم فقط

 علي حسين ماذا سيقول نوابنا وذكرى قيام الجمهورية العراقية ستصادف بعد أيام؟.. هل سيقولون للناس إننا بصدد مغادرة عصر الجمهوريات وإقامة الكانتونات الطائفية؟ ، بالتأكيد سيخرج خطباء السياسة ليقولوا للناس إنهم متأثرون لما...
علي حسين

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

قناطر: بين خطابين قاتلين

طالب عبد العزيز سيكون العربُ متقدمين على كثير من شعوب الأرض بمعرفتهم، وإحاطتهم بما هم عليه، وما سيكونوا فيه في خطبة حكيمهم وخطيبهم الأكبر قس بن ساعدة الإيادي(حوالي 600 ميلادية، 23 سنة قبل الهجرة)...
طالب عبد العزيز

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram