اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بين عبود الكرخي والحاج زاير

بين عبود الكرخي والحاج زاير

نشر في: 13 أكتوبر, 2012: 06:46 م

بعد صدور ديوان "الريل وحمد" في اوائل الستينيات أنقسم  الشعر الشعبي الى مدرستين من حيث الشكل والمضمون هما: التقليدية والحديثة. أما قبل الديوان فقد كان منقسما الى  مدرستين من حيث المكان هما: البغدادية والجنوبية. والأخيرة تضم الفرات الأوسط. البغدادية كان علمها ملا عبود الكرخي. اما الجنوبية، وتسمى  "الحسجة" أيضا، فيمثلها الحاج زاير بامتياز.

ما أحدثه "الريل وحمد" لم يقتصر على تجديد القصيدة الشعبية بل كان زلزالا هز كيان القصيدة واعاد تشكيل الذائقة الشعبية. زلزال استمرت توابعه حتى مطلع السبعينيات وأثّر في طبيعة الأغنية العراقية فتجددت هي الأخرى لتتماشى والتغيير الذي حدث في ذائقة الناس. هذه الروح الجديدة التي ابتدأت من الشعر والذائقة ثم الأغنية رافقتها لأول مرة حركة نقدية اهتمت بالأدب الشعبي بشكل عام وركزت على الصنف الشعري منه بشكل خاص. ورغم قصورها النوعي والموضوعي احيانا، وتأثر أصحابها بأهوائهم السياسية والشخصية، الا ان أغلب رواد حركة النقد الشعبي  تلك اتفقوا على ان القصيدة البغدادية سطحية وذات معان ساذجة على عكس قصائد شعراء الجنوب، التي كانت برأيهم، عميقة في صورها ومعانيها. لا يخلوا هذا التعميم من إجحاف كبير اذ ان في بغداد شعراء مبدعين ومجددين ايضا مثل طارق ياسين وحامد العبيدي ويعرب الزبيدي وغيرهم.

أغفل المهتمون بنقد الشعر الشعبي دراسة أغراض قصيدة الكرخي مقارنة بزاير. ورغم ان كلا الشاعرين استخدما السخرية والشكوى بشكل واضح في قصائدهما الا انهما اختلفا في الهدف. فبينما يسخر الحاج زاير من اناس بسطاء كصبحة بائعة الروبة او فلاحا لم يقدم له شايا، نجد الكرخي صب جام سخريته على الحكومة والحكام والبرلمان والانتهازين والمفسدين. وان شكا الحاج زاير فشكواه اما من الدهر والاقدار او من الناس الذين يعيش بينهم. لكن الكرخي، بالمقابل، كانت أغلب شكواه نقدا سياسيا. باختصار، لم نجد عند الحاج زاير موالا أو قصيدة واحدة تحمل هما سياسيا أو  انتقادا للسلطة أو التقاليد الاجتماعية. على العكس من قصائد الكرخي، الذي حتى ان كتب قصيدة غزلية او اجتماعية مثل "المجرشة" التي تحكي عذابات امرأة قروية يضطهدها صاحب العمل، نجدها ذات طابع نقدي للساسة والمجتمع.

ما قلته عن الحاج زاير يكاد ينطبق على اغلب شعراء الجنوب والفرات الأوسط الشعبيين الذين عاصروه وجيل عريض من الذين جاءوا بعده. 

يبدو الحاج زاير وكأنه لا يعلم بان هناك حكومة في بغداد عليها واجبات تجاه الشعب. لذا عندما يمر بضائقة يجعل هدفه الناس فيسب مَن حوله :

يا حيف نكضي العمر ما بين وادم طرش

لو تلزم اذنة لزم لو ما يكفف بالهوش

ومثل ذلك كثير في موالاته.

اما الكرخي فهدفه من خان الناس والوطن اولا:

بخصوص هل خانوا وطنهم لا تظن اني اعف عنهم

ما اكف عنهم اسبهم اذا نخله براسي طلعت

هل اهتمام الكرخي بالسياسة وابتعاد زاير عنها سببه المكان؟

ولو لم يكن الكرخي بغداديا، هل سيكتب في السياسة؟

وان كان الحاج زاير قد ولد وعاش ببغداد هل كان سيكتب غير ما كتب؟

اظنها ظاهرة تحتاج الى ناقد اجتماعي موضوعي مثل على الوردي ليجيبنا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram