اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > ماذا أرادت الولايات المتحدة من العراق؟

ماذا أرادت الولايات المتحدة من العراق؟

نشر في: 26 أغسطس, 2018: 07:28 م

د. أثير ناظم الجاسور

بين فترة واخرى تعيد مؤسسات صنع القرار الامريكية حساباتها واستراتيجيتها فيما يخص التعامل مع الازمات والمشاكل في النظام الدولي بكل فواعله مع تغير، سواء كان جذرياً او طفيفاً، في مفاهيمها الجديدة التي ستعينها للمرحلة التالية المقبلة عليها. وفي كل فترة معينة من عمر النظام الدولي تسرق منطقة بعينها أنظار صانع القرار الأمريكي لما تحتله من أهمية جيوسياسية واستراتيجية، وكذلك للأهمية التي تحتلها هذه المنطقة في التفكير الاستراتيجي الامريكي. وبعيدا عن التصورات التي وضعت من أجل أن تكون هذه المنطقة تحتل الاهمية عن باقي المناطق او تلك المنطقة نقطة انطلاق غير المناطق الاخرى لكن بالنتيجة كلها مناطق ذات حساسية عالية في المفهوم الامريكي لبسط السيطرة والنفوذ، لذلك يسيل عليها لعابها.
يجب أن نعترف أن الاقتصاد وحركة ورؤوس الأموال وعمل الشركات العالمية او فوق القومية هي التي تحدد اهمية المناطق سواء لنشر مفاهيم السوق الحرة أو لأنها مناطق خصبة لان تكون مناجم رؤوس اموال، ايضاً هي من تحدد الاليات والادوات المستخدمة التي تساعد الولايات المتحدة في تنفيذ مبادئها السياسية والاقتصادية اتجاه خصومها.
وهنا عندما نتحدث عن المناطق التي سيطرت عليها الولايات المتحدة فأننا لابد التركيز على العراق وعلى النتائج التي استشفت من جراء احتلاله عام 2003، ومن منا تعمق او وضع مجموعة من الأسئلة حول احتلال الولايات المتحدة العراق واسبابه غير تلك الاسباب التي تناقلتها وسائل الاعلام وتناولها الكتاب والباحثين؟ وإذا تجاوزنا التفكير بهذا الخصوص لابد ان نركز على ممارسات الإدارة المؤقتة بقيادة بول بريمر وقوانينه وعلى كل المستويات السياسية والمالية والاقتصادية وما آلت اليه الاوضاع بسبب تلك القوانين والاوامر. من منا فكر ولو للحظة بانه بالرغم مما تمتلكه الولايات المتحدة من ترسانة عسكرية ووسائل تكنولوجية متطورة وقوات منتشرة في العراق فانها تركته فريسة للسراق وعمليات السلب والنهب والحرق التي تعرضت لها المؤسسات الحكومية ولم تحرك ساكنا لحماية هذه المؤسسات سوى وزارة النفط وبعض المواقع الحساسة في نظرها؟ لماذا ساهمت الإدارة الأمريكية بالإجهاز على المصانع والشركات العراقية والتشكيلات الصناعية الاخرى واستعانت بالعمالة الاجنبية والشركات الاجنبية؟، لماذا أصرت على حل الجيش العراقي وحولته الى جيش من العاطلين الغاضبين بالرغم من انها كانت وقياداتها على علم بان هذا الجيش محترف وله القابلية اذا هيئت له الظروف ان يقاتل لسنوات؟ لماذا ساعدت على أن يكون من يحكم العراق في بداياته معينين غير منتخبين ورفضت ان يتم اختيار الشخصيات من ضمن العراقيين الذين كانوا داخل العراق اي كما نسميه ( ابن المعاناة)؟ لماذا عملت على أن يكون كل ما له علاقة بإدارة الدولة مناط بمستشار امريكي تابع لكل مؤسسة حكومية وهو من يحرك ويُسكن ؟
كل هذه أسئلة تمت الاجابة عليها بشقين، الشق العاطفي الذي تحدث عن النموذج العراقي الفريد الذي تعمل الدول على تحطيمه خوفاً من نهوضه لما يمتلكه من مقومات مادية وبشرية تخيف الاخرين منه وهذا يلملم الجراح دون حلول، والشق المليء بالمؤامرات الذي تحدث عن طمس الهويتين الإسلامية والعربية وعلى اعتباره منبع الحضارات، بالتالي فان من الضروري ان يقسم العراق وان تنشا دولة اسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات والخ ..، تركنا كل هذه الأسئلة تجيب في ما نأمل أن نراه دون التفكير على الأقل للبحث عن ما هي الحقيقة التي جاءت بالولايات المتحدة وايضاً دون سبب انها خلصت العراقيين من حكم النظام السابق.
المشكلة في العراق انه لم يتم البحث في اساس الافكار والمتبنيات بالنسبة لساسة الولايات المتحدة ومراجعهم الفكرية السياسية والاقتصادية وخلفياتهم التي اثرت بشكل واضح على سياساتهم، فإن كل الخطوات التي اتبعتها الولايات المتحدة في العراق كانت تعطي انطباعاً بانها جاءت لتنهي دور الدولة بشكل او باخر لأنها كانت تحضر لمسالة اعمار العراق. هذه الدعاية التي بسببها بددت اموال العراق لصالح الشركات الامريكية التي يراسها السياسيون الامريكان ابتداءً من بول بريمر وانتهاءً بدونالد رامسفيلد وديك تشيني واخرون، حتى عملية الهيكلة او اعادة الاعمار كانت ذريعة لدخول الشركات الامريكية وغيرها من الشركات التي ارادت ان تقوم بإعادة الهيكلة كما يسميه خبراؤهم الاقتصاديون، فقد عمدت الولايات المتحدة الى تدمير العراق بطريقة منظمة ابتدأت بتدمير المؤسسات والسماح بنهبها وحرقها وحل الجيش وتركهم الجنود والمراتب يلقون مصيرهم من التهميش والحرمان مما ساعدهم على ان يكونوا خصوماً لها حاملين السلاح ضدها، إلى جانب التنكيل بالذات الانسانية داخل السجون. والادهى من ذلك فتح الاسواق العراقية من خلال السماح بدخول المنتجات الاجنبية مما ساعد على ضعف الطلب على الصناعة الوطنية التي اهملت حتى باتت غير موجودة وغير موثوق بها، إلى جانب تسريح الكثير من العاملين من وظائفهم حتى اصبحت للعراق جيوش من العاطلين.
في المرحلة الاخرى جاءت القوانين والاوامر الصادر عن الحاكم المدني بول بريمر التي لا تنسجم مع طبيعة المجتمع العراقي ولا مع طريقة تفكيره، فمثلاً مجلس الحكم الانتقالي الذي اشرف على تأسيسه كان بالتعيين وليس بالانتخاب، وبالنتيجة كانت مخرجاته بائسة لازالت تؤثر على العراق وعلى طريقة الحياة والتفكير وتوزيع الحصص والمناصب. حتى الطريقة التي كتب بها الدستور بمواده وفقراته تعاني من خلل كان بالإمكان تعديله او تصحيحه أو الاعتماد على قوانين تساعد على نقل العراق الى بر الامان. وعملية ادارة الاقتصاد العراقي ايضاً تمت بطريقة مشوهة شبيهة بالمبادئ والآليات التي تم استخدامها وتطبيقها في تشيلي والارجنتين والبرازيل في سبعينيات القرن العشرين من خلال تطبيق افكار السوق الحرة وعزل ادارة الاقتصاد عن الدولة وجعل الشركات تمتلك زمام الامور، بالتالي فان النموذج العراقي المبشر به على الطريقة الامريكية زادت فيه الاسعار ومؤشرات التضخم والبطالة والفقر وكذلك تصاعد سخط المواطنين على طريقة ادارة الدولة وخرق القانون وتسيد المتنفذين، فيما كثر الفاسدون وصاروا اكبر من القانون لا بل ان قوانينهم هي القانون وتشتت المجتمع وضعفت الدولة. هل هذا ما ارادته الولايات المتحدة ؟.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بوتين يصل كوريا الشمالية في زيارة لتعزيز العلاقات الدفاعية

العراق ينضم رسمياً الى العائلة الدولية للعبة الهوكي

هيئة الحج العراقية تحصل على المركز الأول بجائزة "لبيّتم"

الاستخبارات تطيح بتاجر أعضاء بشرية في الديوانية

اردا غولر يقود تركيا للانتصار على جورجيا بـ3 أهداف

ملحق منارات

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: "فاشوش" جمهوري!!

 علي حسين قبل عام بالتمام والكمال خرج علينا رئيس الجمهورية وراعي الدستور معلناً سحب المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين الكاردينال لويس ساكو، بطريركاً على الكنيسة الكلدانية في العراق، وكان فخامته ينوي وضع السيد ريان...
علي حسين

كلاكيت: عن أفلام الطريق

 علاء المفرجي أفلام الطريق كنوع سينمائي، فيما يتعلق بشخصياتها وقصصها وشكلها وأفكارها؟ فأفلام الطريق قاموسيا هي تلك الأفلام التي تغادر فيها الشخصيات مكانها في رحلة على الطريق، وما تصادفه في هذا الطريق من...
علاء المفرجي

برعوشا – بيروسوس: التاريخ دول وأحداث متعاقبة تقودها العناية الإلهية

د. حسين الهنداوي (6)ظلت المعلومات حول الحضارات العراقية القديمة بائسة الى حد مذهل قبل التمكن من فك رموز الكتابة المسمارية على يد هنري رولنسون في منتصف القرن التاسع عشر، والتمكن بالتالي، ولأول مرة بعد...
د. حسين الهنداوي

يا أهل الثَّقافة والإعلام.. رفقاً بالألقاب

رشيد الخيون إن نسيت فلا أنسى اعتراض صاحب سيارة الأجرة، المنطلقة مِن عدن إلى صنعاء(1991)، والعادة تُسجل أسماء المسافرين، خشية السُّقوط مِن الجبال في الوديان، على أحد الرُّكاب وقد كتب «الدُّكتور» فلان. اعترض قائلاً:...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram