TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هويتنا الاقتصادية .. هل ملامحها تلوح ؟

هويتنا الاقتصادية .. هل ملامحها تلوح ؟

نشر في: 27 فبراير, 2013: 08:00 م

مازال الريع النفطي مهيمناً تماماً على العملية الاقتصادية واتجاهاتها السياسية والاجتماعية وهنا العقبة الأولى والأخيرة في مسارنا التنموي الآن وفي المستقبل  .  فالاعتماد على سلعة تصديرية معينة لا يحدد تكوين طبقات اجتماعية وأنماط حكم فحسب ، بل إنه يحدد أيضاً تكوين مؤسسات الدولة ذاتها وإطار صنع القرارات وطريقة الحساب التي يتبعها صانعو السياسة في اتخاذ قراراتهم ( تبري لين كارل / مخاطر الدولة النفطية ص 24 سنة  2008 ).
وبما أننا نعيش هذه الحالة ليست بسبب النفط فقط يضاف لها طبيعة الأنظمة التي ورثناها من نمط الإنتاج الآسيوي بما يحمله من أسس لهيمنة البيروقراطية والاستبداد  .  وتلاها التطبيق المفتعل ( مجاراة مودة ) للاشتراكية منذ ستينات القرن الماضي  . أي أبعاد القطاع الخاص الذي لم يترك له دوراً يمارسه بشكل حيوي في المجتمع العراقي خصوصاً الجانب الصناعي منه  .
وهذا الحجب الذي حال دون لعب القطاع الخاص دوراً يتوجب أن يقوم به أدى إلى ما أدى إليه الآن حيث تحولنا إلى سوق حرة للاستيراد فقط .
وهذا ما كان سبباً أساسياً مثلاً وكما يقول كبير مفاوضي العراق للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية في تصريحه الأخير للصباح من أن العراق يحتاج  ( 4 ــ 5 ) سنوات حتى يتمكن من الانضمام ، وهذا مكفول أيضاً  بقدرة العراق على تحرير القطاع الخاص وتفعيل دوره وتوسيع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي ( عمود الزميل ياسر المتولي في اقتصادية الصباح ليوم  24/ 2/ 2013 )  .
وهذا ينسجم مع ما حددته الخطة الخمسية ( 2013 ـ 2017 ) التي أشارت في أهدافها الاقتصادية التسعة بالدعوة في الفقرة خامساً إلى بناء وتفعيل أسس الشراكة الاقتصادية مابين القطاع العام والقطاع الخاص بما يدفع باتجاه إعادة  هيكلة المؤسسات العامة بصيغ مرنة معززة لإجرءا ت التحول نحو اقتصاد السوق وفقاً لمبدأ الكفاءة والمنافسة . وهذا ما يجعلنا أن نتفاءل بأن ملامح الهوية الاقتصادية الأصلية بدأت بالتبلور  .
من يحول إذن دون قيام القطاع الخاص بدوره الكفيل الوحيد بالتنوع الاقتصادي في الموارد وعدم الاعتماد على النفط بعد أن تراجعت مصانع ومزارع الدولة بحيث تصبح من ضمن أهداف الخطة الخمسية الحالية  ؟  إنه ببساطة المرض الهولندي الذي هو نتاج الاعتماد على النفط بأكثر من  90%  من مواردنا وهذا المرض ينتشر مع الأيام في باقي جسم الدولة والمجتمع ما دام الاقتصاد أحادياً  .
فمثلاً كلفة التصنيع لأي مادة ستكون عالية بالقياس لدول الجوار على الأقل لأن سعر الصرف للدينار يتزايد مع وتائر تدفق النفط  .  وأننا لحد الآن ليس لدينا تعرفة كمركية أو سيطرة نوعية يعتد بها كمنظم لدخول وخروج وإنتاج البضائع  .
ولحد الآن مصارفنا الأهلية أو الحكومية لا تمول المستثمر العراقي  ( القطاع الخاص ) بموجب القانون والبنية التحتية لا تزال بين الشد والجذب في عالم الساسة، فالذي يرسم ملامح هويتنا الاقتصادية والاجتماعية ومن ثم السياسية هو القطاع الخاص الذي يقوم بعملية التصنيع والزراعة والسياحة ، حيث يتهيكل المجتمع بموجبها ويرتفع مستوى التنافس الاجتماعي من مذهبي عشائري إلى تنافس بين صناعيين وزراعيين وتجار محليين لهم نقاباتهم واتحاداتهم وغرفهم  الزراعية والصناعية والتجارية  .  بدون هذه الهيكلة سنبقى نراوح ونتراجع لخدمة غيرنا فقط فلننفذ خطتنا الخمسية كلبنة أساسيه ما دام لدينا موارد قبل أن تتحول إلى لعنة علينا وعلى أجدادنا وأجيالنا القادمة.  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram