اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > تأريخ "الفقاعة" في السياسة العراقية !

تأريخ "الفقاعة" في السياسة العراقية !

نشر في: 28 يناير, 2013: 08:00 م

بعد أن تمكن النظام الديكتاتوري المقبور ، من قمع انتفاضة آذار الشعبية في عام 1991 ، بقسوة مفرطة حيث كشفت الوثائق أن النظام وخلال 14 يوما وخلال عمليات إخماد الانتفاضة في جنوب العراق قتل بمعدل 20 ألف إنسان يوميا ، هذا من غير أعداد القتلى في مناطق كردستا

بعد أن تمكن النظام الديكتاتوري المقبور ، من قمع انتفاضة آذار الشعبية في عام 1991 ، بقسوة مفرطة حيث كشفت الوثائق أن النظام وخلال 14 يوما وخلال عمليات إخماد الانتفاضة في جنوب العراق قتل بمعدل 20 ألف إنسان يوميا ، هذا من غير أعداد القتلى في مناطق كردستان ، وبعد أن ساد شعور السيطرة على الأوضاع  عند قادة النظام الديكتاتوري ، وتحسباً لاندلاع هبّات جماهيرية جديدة وضمن خطط منهجية بدأت قوات النظام الأمنية ، وخصوصا في العاصمة بغداد تجري تدريبات متواصلة لمواجهة هبّات جماهيرية محتملة قادمة ، لعلمها الأكيد أن الأسباب التي أدت لاندلاع انتفاضة آذار لا تزال كامنة مثل الجمر تحت رماد الأوضاع المأسوية التي يعيشها الشعب بحكم استمرار وجود النظام وأجهزته الأمنية وقادته ،على رأسهم المهيب الركن القائد الضرورة ! . في هذه التدريبات كانت قوات النظام الأمنية تستخدم مصطلح "فقاعة" لوصف التحركات الجماهيرية المحتملة ، وكانت الصحف الرسمية للنظام المقبور تنشر التقارير متفاخرة بهذه التدريبات والقضاء على "الفقاعات" المحتملة ! أذكر أني شخصيا ، وبعد اطلاعي على احد هذه التقارير ، الذي كتبه احد أزلام عدي ، ولا يزال حيا يرزق ، وقد نزع الزيتوني ببساطة ولبس بدلا عنه بزة تناسب مصالحه مع احد القوى المتنفذة في الأوضاع السياسية الحالية  ، في تقريره كان يصف بإعجاب سرعة الإنجاز في "معالجة الفقاعة " ! فكتبت عندها تعليقا ساخرا نشر في احد أعداد جريدة "المجرشة " التي كانت تصدر في لندن بإدارة الفنان التشكيلي فيصل لعيبي ، وفي هذا التعليق تمنيت مجيء هذه "الفقاعة" المباركة ، وأن تتكرر وتكبر لتكنس نظام حكم البعث ولتخلصنا من حكم الجزار الذي طغى وبغى كثيرا ، لكن ستراتيجيو البيت الأبيض الأمريكي كانوا الأشطر فاجتاحوا العراق واحتلوه وأطاحوا رأس النظام وتركوا لشعبنا إرثا ثقيلا من بقاياه .   
في التحركات الجماهيرية الأخيرة ، عادت كلمة "الفقاعة " من جديد لتظهر في خطابات بعض القادة السياسيين ،ومنهم السيد نوري المالكي ، رئيس الوزراء العراقي ، إذ شبَّه الحراك الجماهيري في شوارع العراق بأنها مجرد "فقاعات". ورغم انه تراجع عن كلمة "الفقاعات" وحاول أن يفسرها بأنه يقصد من يحاول تسلق التظاهرات ، فهو ظل يدور حول أطروحة بأن التحرك الجماهيري موحى به ضمن مؤامرة وأجندة خارجية تستهدف الحكم والعملية السياسية في العراق، وهذه نغمة أيضا كان يعزفها قادة النظام الديكتاتوري المقبور !
وحتى قبل مناقشة الأسباب التي تدعو رجالات الحكومة العراقية ، ومنهم السيد نوري المالكي ، للاستهانة بهذا الشكل الفجّ بالحراك الجماهيري السلمي ومطالبه المشروعة ، يبرز أمامنا سؤال : كيف تسربت كلمة "الفقاعات" إلى خطاب رئيس الوزراء ، وهي كلمة سبق للأجهزة الأمنية في زمن الديكتاتور المجرم صدام حسين استخدامها بوفرة ؟ ألا يقود الأمر للاستنتاج إلى كونها مصطلحاً أمنياً يتم تداوله حاليا في الاجتماعات مع القادة الأمنيين والعسكريين الميدانيين عند دراسة تطورات الأوضاع في البلاد ؟ ومعروف جيدا أن عددا لا يستهان به من هؤلاء القادة الأمنيين تولوا مناصب قيادية في زمن الديكتاتور المقبور وتم استثنائهم من قانون المساءلة والعدالة لأسباب ليست بخافية على احد ولكنهم -كما يبدو- حافظوا على قاموس لغتهم ومصطلحاته الأمنية في التعامل مع الشعب العراقي بحيث انتقلت مصطلحاتهم الأمنية ذاتها إلى لسان قادة العراق الجديد ! إن وراثة المصلحات لا يخيف كثيرا بقدر ما يخيف أبناء شعبنا ما سيصاحب هذه المصلحات من روح استهانة بحقوق الشعب وتطلعه للحرية والعدالة الاجتماعية ، وما يصاحب هذه المصلحات من أساليب "معالجة" تعرف إليها أبناء شعبنا ، خصوصا من الشباب المشاركين في تظاهرات ساحة التحرير ، حين تم التعامل معهم بتلك الأساليب ذاتها التي عرفها آباؤهم ، حيث الأماكن السرية الخاصة بالتعذيب بأدوات ولغة فجّة وسوقية ، كانت تعود بهم إلى أيام كان الجميع يظنها زالت مع زوال الديكتاتور !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بوتين يصل كوريا الشمالية في زيارة لتعزيز العلاقات الدفاعية

العراق ينضم رسمياً الى العائلة الدولية للعبة الهوكي

هيئة الحج العراقية تحصل على المركز الأول بجائزة "لبيّتم"

الاستخبارات تطيح بتاجر أعضاء بشرية في الديوانية

اردا غولر يقود تركيا للانتصار على جورجيا بـ3 أهداف

ملحق منارات

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: "فاشوش" جمهوري!!

 علي حسين قبل عام بالتمام والكمال خرج علينا رئيس الجمهورية وراعي الدستور معلناً سحب المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين الكاردينال لويس ساكو، بطريركاً على الكنيسة الكلدانية في العراق، وكان فخامته ينوي وضع السيد ريان...
علي حسين

كلاكيت: عن أفلام الطريق

 علاء المفرجي أفلام الطريق كنوع سينمائي، فيما يتعلق بشخصياتها وقصصها وشكلها وأفكارها؟ فأفلام الطريق قاموسيا هي تلك الأفلام التي تغادر فيها الشخصيات مكانها في رحلة على الطريق، وما تصادفه في هذا الطريق من...
علاء المفرجي

برعوشا – بيروسوس: التاريخ دول وأحداث متعاقبة تقودها العناية الإلهية

د. حسين الهنداوي (6)ظلت المعلومات حول الحضارات العراقية القديمة بائسة الى حد مذهل قبل التمكن من فك رموز الكتابة المسمارية على يد هنري رولنسون في منتصف القرن التاسع عشر، والتمكن بالتالي، ولأول مرة بعد...
د. حسين الهنداوي

يا أهل الثَّقافة والإعلام.. رفقاً بالألقاب

رشيد الخيون إن نسيت فلا أنسى اعتراض صاحب سيارة الأجرة، المنطلقة مِن عدن إلى صنعاء(1991)، والعادة تُسجل أسماء المسافرين، خشية السُّقوط مِن الجبال في الوديان، على أحد الرُّكاب وقد كتب «الدُّكتور» فلان. اعترض قائلاً:...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram