الأربعاء، 16 إبريل 2025

℃ 11
الرئيسية > أعمدة واراء > كلاكيت: جائزة رائد محسن السينمائية

كلاكيت: جائزة رائد محسن السينمائية

نشر في: 15 فبراير, 2023: 11:34 م

 علاء المفرجي

تمتد علاقتي بالممثل البارع رائد محسن منذ منتصف الثمانينيات، يوم أعتلى خشبة مسرح المنصور، ولكن أي اعتلاء؟ فهو لم يرتق خشبة هذا المسرح -وهو لم يزل طالبا-كأمنية في اعتلائه، كانت تراود أي طالب فن مبتدئ مثله، لكنها بالنسبة له،

أنه ارتقى هذه الخشبة مثل ارتقاء مجد عظيم، فقد وجد نفسه فجأة جنبا الى جنب مع أساتذته وأي أساتذة؟ يوسف العاني، سامي عبدالحميد، جعفر السعدي، خليل شوقي، عبد الواحد طه . وهؤلاء هم من أسس فعلا المسرح العراقي ومنحه هويته المتميزة في العالم العربي. وهم يخوضون تجربة (الانسان الطيب) مسرحية بريخت، بإدارة المخرج عوني كرومي، وهي تجربة كانت بالنسبة له تحد كبير، من جهة أنها تجربته المحترفة الأولى، وأيضا لوقوفه مع عمالقة المسرح العراقي والعربي. هذه التجربة الفريدة لرائد محسن منحت جيلنا الذي ينتمي اليه رائد، المزيد من الإصرار والقوة لتأكيد ذاته، في لجة حرب عبثية صنعها (دكتاتوريان) في بداية حكمهم، وكنا نخوضها مجبرين في تلك الأيام.

تجربة منحت رائد محسن أساسا قويا في المسرح، ذلك أن معالجة الممثل العراقي للشخصية الدرامية في مسرح (بريخت) الملحمي، وخصوصاً تلك التي في مسرحية ( الإنسان الطيب) ، وهل تتطابق المعالجة مع طروحات ( بريخت ) بشأن عدم التقمص من قبل الممثل، والوقوف بمعزل عن الشخصية ، وحيادية المتفرج في التطابق أو التعاطف مع الشخصية ، والنظر اليها نظرة فاحصة. وهذا درس حفظه رائد جيدا، من اليوم الأول الذي صار فيه المسرح قدره. وهو ما جعل مخرجو المسرح يتسابقون عل الاستعانة بموهبته لنجاح أعمالهم.

فرائد من أولئك الممثلين الذين يستبطنون دواخل الشخصية المراد تجسيدها، فيمنحها الفرادة في الوجود، لتكون خالدة في الذاكرة، فالممثل المجتهد، هو في قدرته على عرض وإضافة أفعال بشرية، وتوليد مشاعر إنسانية محددة، وواقعية بالتأكيد (سلوك/ فعل)، بواسطة مهاراته الفنية، وضمن ظرف حياتي معطى. والموهوب من الممثلين، هو ذاك الذي يمتلك القدرة على فهم وخلق طبيعة بشرية حقيقية، وتوليد مشاعر وأحاسيس صادقة، وإعادة إنتاج شخصيات وأنماط إنسانية لا حدود لها.

وماذا إذا كانت الجائزة التي منحت لرائد هذه المرة عن دور له في السينما؟، إضافة لجوائزه الكثيرة في المسرح. وهو المقل في هذه الفن قياسا للمسرح والتلفزيون. نعم هنا اثبت رائد محسن انه ممثل تمرد على ما يسمى بـ (الوحدة الشعورية) في المسرح والتي تتطلب فصلا مسرحيا طويلا كاملا، ليجعلها قصيرة تُحسب بالثواني في السينما، وفي الحالتين أجاد.

تابعت تجاربه في السينما مع ملاك عبد علي في (سلايد)، ومع سعد العصامي في (آخر السعاة)، لأجده فيهما ممثل يمتثل لشروط الإداء في السينما مثلما أمتثل لها وأجاد في المسرح. رغم التباين الكبير فيهما. فالمسرح والسينما ورغم كونهما وسيطاً ناقلا للفعل التمثيلي المعبر عن الانفعالات، لكن لكل منهما تقنياته المختلفة، التي تفرض على نفسها على شكل هذا الفعل سواء في السينما أو المسرح.

ورائد حفظ جيدا هذه التقنيات بين الاثنين (المسرح والسينما)، ليظهر انفعالاته بتغير الحالة وتغير اللقطة، كما يريدها متلقي الفيلم، بتأثير زاوية الكاميرا أو حجم الكادر أو كلاهما معا.

رائد محسن ممثل يجمع الجانب الذكري والانثوي في موهبة التمثيل وأعني بهما الغريزة والحدس، وهو الجانب الغامض، والعقل والبرهان، وهو جانب الصنعة والتقنية. فليس غريبا أن ينافسه ممثل بطراز (دريد لحام) أو غيره من النجوم الكبار، فهو بذلك يستحق أي جائزة على أدائه في السينما أو المسرح. وهي لا شك إشارة لمخرجي السينما في أن يضعوا اسم (رائد محسن) دائما في اختيارهم للشخصية البطلة في أعمالهم السينمائية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

كلاكيت: "ندم" وعودة الفيلم الجماهيري

الحاكم بمنظور إمام سلطة الحق

العمود الثامن: اربيل تقرأ

مرور نصف عقد على رحيل رفعة الجادرجي 10 نيسان 2020

العدالة الدولية تحت المطرقة (الجزء- 2)

العمود الثامن: جماعة الفشل

 علي حسين ثمة متعة خاصة في قراءة كتب المفكر الفرنسي جاك أتالي، وخصوصاً كتابه عن كارل ماركس والذي أكد فيه على مقولة ماركس الشهيرة "ظلّت الفلسفة تفسّر العالم بطرق مختلفة. ولكن المهم تغييره"....
علي حسين

قناطر: المُوحِشُ المُسْتفرَد بين السعفِ والقبّرات

طالب عبد العزيز من السعف الذي لم تأته الريح من الشمال، ومن الجذوع، أنبأتها الشمسُ بموعد النهار، ومن القصب، لم تثقّبهُ نداءاتُ الراحلين، فظلَّ قصباً الى الحين والابد، أنشأتُ كوخاً، آوي اليه أحياناً، أسجِّي...
طالب عبد العزيز

( 50 ) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياةً بين قذيفتين

زهير الجزائري   ( 3) من نافذة الصف تمتد أمامي نازلة بساتين الحمضيات. أحاول أن أهدئ نفسي بخضرتها المتعافية و بزرقة البحر الممتد إلى اللانهاية. أسمع جرس الاستراحة وأقول لنفسي: مستحيل! لا البحر ولا...
زهير الجزائري

في خط الشروع للمشروع الوطني التنموي

ثامر الهيمص لكي تنهض اي امة او شعب، لابد ان يكون لديهما مشروع سياسي واقتصادي واضح المعالم ، لذا ينبغي تجديد كتابة الماضي وفق مسلتزمات الواقع المتجدد ، بما يؤهل المشروع للمقبولية الاجتماعية والتاريخية...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram