الرئيسية > أعمدة واراء > زهاء حديد صانعة الأساطير المعاصرة

زهاء حديد صانعة الأساطير المعاصرة

نشر في: 15 يونيو, 2013: 10:01 م

القسم الثاني
اختارت مجلة تايم الامريكية واسعة الانتشار في سنة 2010 المهندسة العالمية   زهاء حديد  في المرتبة الأولى بين المفكرين والشخصيات المائة  الأكثر تأثيرا  في العالم  وعلقت  المجلة على اختيارها لها  بأن  ( أعمال  زهاء حديد  تثير الولع  والشغف بما تحمله  من رؤية فريدة  شأنها شأن الأساطير  دون أن تفقد أصالتها  الابتكارية )
 لم  يلتفت العراق ومسؤولوه وجامعاته الى أهمية  هذا التكريم العالمي  الذي حظيت به زهاء، و لم  يحتفل  أحد  باختيارها  لهذه المرتبة الشرفية  بين مبدعي ومفكري عالمنا المعاصر وصناع الرأي العام  من الكتاب والفلاسفة والفنانين ، بل كانوا  حينها يقيمون طقوس  التكليف  الشرعي للفتيات من سن السابعة لتحجيب  رؤوسهن الصغيرة وعقولهن المتفتحة للتعلم  وشغف المعرفة بزرع  فكرة العورة والعيب في نفوسهن الغضة منذ  نضارة أعمارهن  في المرحلة الابتدائية  حسب تعليمات وزارة التربية ، ترى كم من صغيرة كانت ستنبغ في بلادنا وتصنع أساطير جديدة لحاضرنا ومستقبل العراق لو اتيحت لها فرصة  التفكير الحر  والتعبير عن الشغف بالجمال ووجدت من يوجه خطواتها  نحو إبراز عبقريتها كما وجدت زهاء حديد في طفولتها؟
 وبعد حيازة  زهاء حديد هذه المكانة  بين الشخصيات المؤثرة في عالمنا اختارتها اليونسكو ضمن لائحة فناني السلام الذين يستخدمون  فنهم ونفوذهم  لتعزيز المثل العليا  لمنظمة اليونسكو وأنها كما وصفتها  اليونسكو ( تلعب  دورا بارزا في رفع مستوى الوعي العام  للحوار الفكري والتميز في مجال التصميم والإبداع  وخدمة المثل العليا )  فهل اهتم العراق بهذا التكريم  السامي ؟
  تعترف زهاء حديد في حوار من حواراتها  النادرة  أن  بلوغها هذه المرتبة  بين مهندسي  عالمنا المعاصر ونيلها جائزة بريتزكر أرفع جائزة للهندسة المعمارية - بأن نجاحها لم يكن سهلا قط ّ فهناك صعوبات وعوائق  تقف أمام  عمل المرأة  في مهنة قاسية  كالهندسة، وأن كونها امرأة  وعربية الجذور  كان  تحديا كبيرا لقدراتها ضمن  محيط العمل التنافسي في عالمنا  المعولم وتقول  : حالما اجتزت عقبة كوني انثى  وتقدمت في عملي كانت تبرز أمامي  مسألة كوني  عربية  وتبدأ  التحديات مرة أخرى ولكني سرعان  ما أتجاوزها لأصبح   أقوى وأكثر دقة  مما انعكس على تصاميمي  الهندسية - ولا تزال المهندسة  الرائدة في عالم الابداع تواجه التحديات لكنها تمضي قدما  في تنفيذ مشاريعها الاسطورية المعاصرة التي ادهشت العالم ما بين اليابان وأوروبا وأميركا .
  بقوة شخصيتها ومثابرتها وابتكاراتها وعزيمتها  مهدت لنفسها الطريق وتخطت العوائق و نجحت خلال  خمسة وثلاثين عاما من العمل المبدع  والتدريس في جامعات عالمية أن تحتل اعلى مراتب الشرف في دنيا الهندسة  والابتكار الفني ، وقد وصفها أستاذها المهندس العالمي ( كولهاس ) بأنها  (كوكب  يدور في مداره الخاص ) وأصبحت  شريكة له في مؤسسته الهندسية قبل أن  تنشئ   شركتها الشخصية التي يعمل فيها 400 شخص ينفذون  مشاريعها ومبتكراتها في المباني والأثاث والديكور.
تكشف أعمال زهاء حديد  عن استقلالية شخصيتها و طاقتها الخلاقة التي تنبئ عن انسيابية موسيقية  وعدم استقرار وكأنها تنحو الى التحرر مما هو أرضي   وتستغرق في الغرائبي  مبتعدة عن الأشكال التقليدية  ذات الأبعاد  المتناسقة ،  لذا اعتبرت أعمالها تعبيرا  مبدعا عن النزعة التفكيكية  مضافا اليها  بعض المؤثرات الكامنة منذ نشأتها الأولى، وتقول زهاء عن  عملها (أريد أن أبدأ في وقت واحد بالنهاية والبداية معا...وكأن نهاية العمل كانت بداية انبثاق الفكرة )   وتفسر اشكالها  الحلزونية  ومنحنياتها  المتداخلة  هذه  العلاقة الغامضة والمركبة بين البدايات والنهايات في تصاميمها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

صفقة مبكرة لحسم الحكومة القادمة قبل الانتخابات!

أزمة مجازر وضيق حظائر.. العراق يواجه شبح "النزفية"

السوداني يؤكد مضي العراق باتجاه تسليح قواته الجوية

مسؤولون أكراد: كردستان تحافظ على السلم وسط شرق أوسط مضطرب

العراق ويونامي يبحثان "انتقالاً سلساً" لمهام البعثة الأممية

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

البْصَرة عراقيَّة.. لا عَلويَّة ولا عثمانيَّة

العمود الثامن: الجلوس على أنفاس المواطن

روما على مفترق طرق – هل تكتب الجولة الثانية نهاية أزمة أم بداية تصعيد؟

العمود الثامن: نور زهير ياباني !!

(50) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياةً بين قذيفتين

العمود الثامن: البابا فرنسيس وعقدة ساكو

 علي حسين غاب البابا فرنسيس حاملاً معه أعلى مراتب الانسانية. ورث عن بلاده الارجنتين حب كرة القدم، والسعي لاشاعة السلام والمحبة بين الناس.. كلمة "الأمل" كانت آخر ما كتب البابا ونشرها قبل وفاته...
علي حسين

قناطر: عليك مني السلام يا أبا عبد الله

طالب عبد العزيز قد لا يُرى الضرر الذي يلحقه الفسادُ بالمواطن البسيط؛ لأنه خارج معادلة المليارات التي تسرق، والتي تضيع في المشاريع الوهمية، وهو(المواطن)قانع، راض، حامدٌ، شاكرٌ ما يتقاضاه من فتات مائدة الرعاية الاجتماعية،...
طالب عبد العزيز

كوب الفخار … وانكسار الذوق العراقي

أحمد حسن في مقهى صغير وسط مدينة فلورنسا الإيطالية، اسمه "بابليوني"، شدني مشهد بسيط لكن عميق الدلالة: أكواب القهوة مصنوعة من فخار يدوي الطابع، تعيدك في لحظة إلى بابل، إلى العراق. صاحب المقهى، كما...
أحمد حسن

القومية والثقافات الأخرى

محمد سلماوى من المؤسف أن المد القومى العربى الذى انتعش فى أواسط القرن العشرين عمل فى بعض الدول العربية على طمس الثقافات الأخرى فى تلك الدول التى كانت مصدر ثراء للحضارة العربية الكبرى التى...
محمد سلماوى
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram