الرئيسية > أعمدة واراء > أدغار موران: الحب قوة حيوية ولن تخرج البشرية من التاريخ

أدغار موران: الحب قوة حيوية ولن تخرج البشرية من التاريخ

نشر في: 27 يوليو, 2013: 10:01 م

لطالما  صرح الفيلسوف الفرنسي  ادغار موران  المعني  بالدراسات المستقبلية في حواراته  المهمة بأن ( كل ما لا يتجدد يتدهور )، هو نفسه  يتجدد  ويتمرد على الزمن  ففي  التسعين من عمره يبادره صحفي بسؤال عن تناقضاته  الفكرية فيقول (ولكنّي أودّ أيضا أن نتحدّث عن الحبّ، عن طريقة الحبّ، ذلك أنّ الحبّ قوّة حيويّة تحيينا، إنّ أحزان الحبّ تسحقنا ،ولكنّ اللّقاءات الجديدة تلهمنا وتنشّطنا، يجب أيضا أن نعرف كيف نحبّ)  ويعترف وهو يقدم رفيقته الجميلة  للصحفي بأنهما يعيشان حالة حب ويبحثان عن مكان منزوٍ لحياتهما القادمة ، موران رجل المستقبل فتيّ الروح والقلب يعيش  للمستقبل ولا يلتفت الى التقييمات المجتمعية  حول   أفول العمر والنهايات لأنه يبتكر أسلوب حياة يليق به وبفكره وفلسفته .
 يناقش موران  في مبحثه ( إلى أين يسير  العالم ) معضلة الأزمة العولمية ، وعبر تفكيكه لأزمة التحولات يقدم لنا منظورا مركبا لأحوال عالمنا ومصير الكوكب ، ويقول بنوع من الوثوقية  أن (  التطور يميل إلى التحطيم  الذاتي )  ويعني هذا إن البشرية تلقي  بنفسها  في عالم  تخاله متجها إلى الغد  وماضيا بها وبأحلامها نحو المستقبل ،  ولا  تعلم هذه البشرية أن هذا العالم  هو في حالة ثورة  وفي طور تقدم وفي أزمة مستمرة وخطر قائم ، وأن هذه المفاهيم متشابكة فالثورة مرتبطة بالتطور والتقهقر والأزمة وتترابط هذه المفاهيم مع بعضها  وتجعلنا نعيش في اللحظة ذاتها حال الثورة والتقدم والتقهقر  ونقف حائرين غير عارفين  أي من هذه المفاهيم  سيكون حاسما في النهاية .
   يعتقد موران أن ترابط المصائر بفعل  التقارب الثقافي والتقني والاقتصادي  والأيدولوجي  والمعلوماتي يخلق مشهدا فوضويا فالانعكاسات والتأثيرات المتبادلة بلغت حدا يصعب معه التراجع الى انغلاق القارات القديم  وانعزال الأجناس البشرية  والتواريخ  الخاصة بكل منها ، دون ان ننسى التأثر والترابط  في المستوى البيولوجي  أيضا  فيما يسميه موران  ( الاتحاد الميكروبي  كوباء الانفلونزا الذي يتخذ مسارا عولميا ، وكذلك التزاوج المتزايد بين الأجناس  المختلفة)   ويفترض ان هذه التأثيرات  جعلت الزمن الإنساني  زمنا واحدا في جميع القارات مما يعني ارتباط المصائر البشرية بالأحداث الحاصلة على كوكبنا من حروب وكوارث  وفوضى عارمة.
 يضع  أدغار  موران الإنسان  العولمي أمام الحقيقة  لعله يدرك  عقم  تعويله  على  الخلاص التاريخي 🙁 لاوجود لخلاص تاريخي  ولسنا مهيئين للحل النهائي، ولن نخرج من التاريخ  بل على العكس ان دخول  أرواحنا  للتاريخ  ضروري  وحيوي  تماما  وسيصاحبه غرق واختناق ).  على المستوى الإنسانيّ  يرى اننا لا نزال همجيين : ذلك أنّ العمى عن الذّات وعدم فهم الغير يعبّران عن نفسهما على مستوى المجتمعات والشّعوب حروبا و في العلاقات الشّخصيّة داخل الأسرة بين الأزواج  فالكثير منهم ينفصلون وتشبه هذه الصّراعات  معارك حربيّة مبنيّة على الكراهية ورفض فهم الآخر وهناك أزواج  يتعايشون مظهريا  لكنهم يتحفزون  للمواجهة في أية لحظة كمثل حال الشعوب التي ترفض  الآخر وان النزعة الهمجيّة فينا على استعداد  دائم للانبثاق داخل كلّ إنسان متحضّر.
 و يتعطف موران علينا فيبث شيئا من الأمل للبشرية  مؤكدا أن من السهل تآلف البشرية  في وحدة  دون أن تكف عن تنوعها ويقترح  مثالا بيولوجيا عن الجسم الإنساني الذي يشكل  كل عضو فيه جمهورية من ثلاثين مليار خلية متعاونة فيما بينها ، فلماذا لا يمكن ان تتآلف  بضع مئات من الشعوب و تحيا  بسلام  وتآلف  ودون حروب ؟
يتبع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. Falah Hekmat

    مقال أنيق لسيدة الرفي ( لطفية الدليمي ) تستكمل فيه مقالا سابقا عن الفيلسوف الفرنسي (أدغار موران ) و لمعات من فكره المضئ : أبتداء من أدق التفاصيل الشخصية التي تدور حول البحث عن سكن بسيط منعزل مع المحبوب الأثير الى نغوسنا , مرورا بالازمات العولمية التي تجتا

  2. هدى

    إن ادغار موران من المفكرين الذين حملوا على عاتقهم مهمة الدعوة الى التجدد و التجديد سواء في طرق عيشنا أو تفكيرنا الذي أصبح حسب رأيه براغماتيا نفعيا لا يأبه لما يفعله بانسانيته التي تناساها

يحدث الآن

صفقة مبكرة لحسم الحكومة القادمة قبل الانتخابات!

أزمة مجازر وضيق حظائر.. العراق يواجه شبح "النزفية"

السوداني يؤكد مضي العراق باتجاه تسليح قواته الجوية

مسؤولون أكراد: كردستان تحافظ على السلم وسط شرق أوسط مضطرب

العراق ويونامي يبحثان "انتقالاً سلساً" لمهام البعثة الأممية

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

البْصَرة عراقيَّة.. لا عَلويَّة ولا عثمانيَّة

العمود الثامن: الجلوس على أنفاس المواطن

روما على مفترق طرق – هل تكتب الجولة الثانية نهاية أزمة أم بداية تصعيد؟

العمود الثامن: نور زهير ياباني !!

(50) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياةً بين قذيفتين

العمود الثامن: البابا فرنسيس وعقدة ساكو

 علي حسين غاب البابا فرنسيس حاملاً معه أعلى مراتب الانسانية. ورث عن بلاده الارجنتين حب كرة القدم، والسعي لاشاعة السلام والمحبة بين الناس.. كلمة "الأمل" كانت آخر ما كتب البابا ونشرها قبل وفاته...
علي حسين

قناطر: عليك مني السلام يا أبا عبد الله

طالب عبد العزيز قد لا يُرى الضرر الذي يلحقه الفسادُ بالمواطن البسيط؛ لأنه خارج معادلة المليارات التي تسرق، والتي تضيع في المشاريع الوهمية، وهو(المواطن)قانع، راض، حامدٌ، شاكرٌ ما يتقاضاه من فتات مائدة الرعاية الاجتماعية،...
طالب عبد العزيز

كوب الفخار … وانكسار الذوق العراقي

أحمد حسن في مقهى صغير وسط مدينة فلورنسا الإيطالية، اسمه "بابليوني"، شدني مشهد بسيط لكن عميق الدلالة: أكواب القهوة مصنوعة من فخار يدوي الطابع، تعيدك في لحظة إلى بابل، إلى العراق. صاحب المقهى، كما...
أحمد حسن

القومية والثقافات الأخرى

محمد سلماوى من المؤسف أن المد القومى العربى الذى انتعش فى أواسط القرن العشرين عمل فى بعض الدول العربية على طمس الثقافات الأخرى فى تلك الدول التى كانت مصدر ثراء للحضارة العربية الكبرى التى...
محمد سلماوى
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram