الرئيسية > أعمدة واراء > جين ريز البوهيمية: أمجاد وعشاق وموت في عزلة..

جين ريز البوهيمية: أمجاد وعشاق وموت في عزلة..

نشر في: 5 أكتوبر, 2013: 10:01 م

3
 خلفية حياة  جين  ريز المثيرة ومزاجها العنيف المتقلب لعبا  دورا كبيرا  في إضفاء ذلك السحر الغامض على شخصيتها وإطلاق فتنتها  مثل هالة أو شبكة وقع في حبائلها عشاق كثيرون كما وقعت هي في شراك رجال محتالين اقتحموا حياتها المضطربة وانعكس الأمران على مجمل أعمالها  الأدبية ، ولدت  جين في جزيرة الدومينيكان وسط مجتمع من السود والبيض ولم تجد  نفسها مع  أحد  المجتمعين، سخر السود منها  لأنها حفيدة أحد ملّاك الأراضي الاستعماريين وبسبب أمها  الكريولية  لم يتقبلها مجتمع البيض رغم مكانة  والدها الطبيب  فهربت إلى بريطانيا و صدمت  برؤية كآبة لندن  وفقرائها وعبّرت عن ذلك  بقولها  ( كأنني في احدى روايات ديكنز )عملت  في لندن  عضوة في كورس غنائي  وأطلقت على نفسها اسم إيلا غري  ثم  عملت موديلا  و انتمت إلى معهد  الدراما وتركته  قبل أن  يعشقها رجل ثري  وترحل  معه  للعيش في باريس ولتنغمس  في مجتمع البوهيميين .
مرت جين ريز بتجارب  حياتية متناقضة   ولازمتها حالة نفسية  تُعرف  بكراهية الذات  مع اشتداد  الاكتئاب  الذي كان يتناوب  مع فترات النشاط الإبداعي   لديها ،وأودعت  سجن هولواي للنساء فترة اكتئابها الحاد  لتخرج بتجربة  خصبة عن شخصية  المرأة المجنونة السجينة وتكتب  روايتها  ( بحر ساركاسو الواسع ) لتعيد بناء حياة مختلفة للزوجة المجنونة في رواية   جين آير  لأميلي  برونتي ووظفت منطقة  الكاريبي  المحمومة  النائية  وأجواءها الوخمة  وتاريخها المظلم  لتفهم كيف وضعت برونتي بطلتها في غرفة مغلقة ليودي  بها احتجازها إلى الجنون .
وغالبا  ما تكررت في روايات جين ريز ثيمات  ثابتة  ،كالتفرقة العنصرية  والنفاق والخيانة والجنون  والخوف من سحر ( الفودو ) الذي يمارسه  السود ولا تكاد تخلو رواية من رواياتها من  نساء سوداوات  و لدى قراءتنا لرواياتها  تستغرقنا تخيلات مرتبطة بتفاصيل سيرتها الذاتية و تأخذنا  بسحر  سردها  إلى وصف مبهر ودقيق للأماكن والأثاث  وطرز الملابس  والسلوك  في  قاع المدن الكبرى كباريس ولندن وفيينا  ،ورغم كل هذه البراعة الإبداعية  والموهبة  اللامعة كانت جين ريز فريسة لخداع صديقاتها و أصدقائها  وكأنها كانت تستمتع بوضع الضحية  انتقاما من ذاتها الهشة ، فبعد فترة جدب إبداعي استمرت عشر سنوات عاشت فترة انكسار وإحباط  وقصص زواج  وحب غير متكافئة  طلبت منها صديقتها الممثلة ( سلمى فان دياز) أن توافق على تقديم عرض مسرحي باستلهام  روايتها ( صباح الخير ، منتصف الليل ) وبدا الأمر مثل شعاع أمل ينتشلها  من حياتها المحطمة ثم أقنعتها سلمى ان تتنازل لها عن حقوق استغلال رواياتها في المسرح والسينما والتلفزيون واستغلتها  بطريقة  بشعة وقاسمتها عائدات أعمالها بينما كانت جين بحاجة إلى المال  لتكمل  كتابها ( بحر ساركاسو الواسع ).
كتب عنها الكاتب الناشر فورد مادوكس فورد الذي عاشت معه  فترة من الزمن :
(وجدت جين ريز متعتها القصوى  في الذكريات كما  تفعل أية امرأة مسنة ، كان عقلها مشتتا  بين  الذاكرة  والخيال ، ولطالما استحوذت  الأمكنة  لا الناس على اهتمامها )
كان الموت شاغلها  فقاومته  باغتراف جامح  لمباهج الحياة ، تقول ريز في مقالة لها  "خططت كي أموت في الثلاثين  ثم غيرت الموعد  ليكون في الأربعين ومن ثم  دفعته عشرا  لأموت  في الخمسين ، لكننا دائما نرجئ موضوع الموت  ثم نواصل الحياة  ونمضي قدما " وتوفيت جين ريز  وحيدة  سنة 1979 في دار رعاية  قبل عيد ميلادها السابع والثمانين بأيام.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

صفقة مبكرة لحسم الحكومة القادمة قبل الانتخابات!

أزمة مجازر وضيق حظائر.. العراق يواجه شبح "النزفية"

السوداني يؤكد مضي العراق باتجاه تسليح قواته الجوية

مسؤولون أكراد: كردستان تحافظ على السلم وسط شرق أوسط مضطرب

العراق ويونامي يبحثان "انتقالاً سلساً" لمهام البعثة الأممية

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

البْصَرة عراقيَّة.. لا عَلويَّة ولا عثمانيَّة

العمود الثامن: الجلوس على أنفاس المواطن

روما على مفترق طرق – هل تكتب الجولة الثانية نهاية أزمة أم بداية تصعيد؟

العمود الثامن: نور زهير ياباني !!

(50) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياةً بين قذيفتين

العمود الثامن: البابا فرنسيس وعقدة ساكو

 علي حسين غاب البابا فرنسيس حاملاً معه أعلى مراتب الانسانية. ورث عن بلاده الارجنتين حب كرة القدم، والسعي لاشاعة السلام والمحبة بين الناس.. كلمة "الأمل" كانت آخر ما كتب البابا ونشرها قبل وفاته...
علي حسين

قناطر: عليك مني السلام يا أبا عبد الله

طالب عبد العزيز قد لا يُرى الضرر الذي يلحقه الفسادُ بالمواطن البسيط؛ لأنه خارج معادلة المليارات التي تسرق، والتي تضيع في المشاريع الوهمية، وهو(المواطن)قانع، راض، حامدٌ، شاكرٌ ما يتقاضاه من فتات مائدة الرعاية الاجتماعية،...
طالب عبد العزيز

كوب الفخار … وانكسار الذوق العراقي

أحمد حسن في مقهى صغير وسط مدينة فلورنسا الإيطالية، اسمه "بابليوني"، شدني مشهد بسيط لكن عميق الدلالة: أكواب القهوة مصنوعة من فخار يدوي الطابع، تعيدك في لحظة إلى بابل، إلى العراق. صاحب المقهى، كما...
أحمد حسن

القومية والثقافات الأخرى

محمد سلماوى من المؤسف أن المد القومى العربى الذى انتعش فى أواسط القرن العشرين عمل فى بعض الدول العربية على طمس الثقافات الأخرى فى تلك الدول التى كانت مصدر ثراء للحضارة العربية الكبرى التى...
محمد سلماوى
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram