TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الأمن الغذائي وعشائر السياسة!

الأمن الغذائي وعشائر السياسة!

نشر في: 30 نوفمبر, 2012: 08:00 م

ارتبطت عشائرنا عموماً بالأرض قبل الدولة بمفهومها الحديث عبر تأريخ العراق بمختلف مراحله، ما عدا بعض الاقطاعات من العصملي الى النظام السابق لمن هم ليسوا بصفتهم العشائرية.  فالإقطاعيات العراقية مرتبطة برؤساء القبائل حيث يصبح شيخ العموم في منطقته هو المالك الأكبر للأرض. إلى أن جاء قانوني الإصلاح الزراعي (58 ـ 1971) ليتم تفتيت الملكية الزراعية، إلى أن وصلت الآن الحيازات الزراعية المملوكة صرفاً للأشخاص  64%  وهي التي تتجزأ إلى مساحات صغيرة غير اقتصادية في الكثير من الحالات بسبب الإرث  و32% مؤجرة  و3% تدار تجاوزاً  و1% أشكال أخرى. علماً أن سكان الريف يشكلون الآن 30%  من سكان العراق. وفي ضوء هذا التشوه للملكية الزراعية غير الاقتصادية   حقق الناتج المحلي الإجمالي للقطاع  الزراعي للفترة ( 1990 ـ  2011 ) معدل نمو سنوي مركب قدره  6 ر1%، وهذا المعدل منخفض جداً إذا ما قورن بالمعدل الذي نما به الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لنفس الفترة (6 ر3%). 

وارتفع الإنتاج بفعل المبادرة الزراعية في العام 2010 بنسبة 2 ر17%   ومع ذلك يبقى الأمن الغذائي رهين العوامل المعوقة فغطت الحنطة مثلاً  67% لعام 2011 ومن الشلب 15% وذلك لمحدودية الأرض الصالحة للزراعة وتدني إنتاجيتها.  

ولذلك لا يتوقع أي زيادة نوعية بدون مراجعة كاملة للسياسية الزراعية من جميع جوانبها ولعل أهمها العنصر البشري الذي تقاذفته الهجرة إلى المدينة ونقل قيمته واعتباراته إليها ومشاكلها وقيام الأحياء العشوائية حتى في النواحي والأقضية مع تفاقم  الانتماءات المحلية فشيوخ ووجهاء العشائر كان اتجاههم وما زال ليس الزراعة بل مشاغل الوجاهة لتمتد سياسياً على شكل جهات أمنية ساندة ومحاولة تأبيد ذلك للعمل كموظفين  في الدولة ومحاولة لتأسيس قانون مجالس قبائل وعشائر العراق ليشكلوا  قوة سياسية تكون الجهات السياسية مرغمة على التعامل معها رغم أنها لا تملك قاعدة اقتصادية وهي الزراعة وهم كقطاع خاص يديرها حيث لا تشاركهم الدولة مثل التجارة أو الصناعة أو السياحة أو تتدخل بجوهر عملهم بل فقط عملية دعم وتقديم خدمات للبنية التحتية للزراعة ومستلزمات أخرى معروفة. ولكي يكون المكون العشائري إيجابياً أي بقيادة القطاع الزراعي وتطويره وتوفير الأمن الغذائي لا بد أن يكون هناك تجاوز للاستخدام الاستثنائي لشيوخ العشائر في أعمال بعيدة كل البعد عن عملهم الأساسي في تنمية الريف ليحد الهجرة إن لم يعمل على الهجرة المعاكسة بعد ترتيب مشكلة الأرض وإعادة النظر بالحيازات وإكمال مشاريع الري والبزل ومكافحة التصحر واستخدام أرض جديدة. حيث لدينا  46 ر 44  مليون دونم صالحة تشكل ربع مساحة العراق تشكل الديمية  تقريباً نصفها. والآن فقط (240 ر13 مليون دونم) لها حصة مائية فما حرصنا إلا بالإقدام على الاستصلاح وإنهاء ملف المياه مع الجيران والعمل بالزراعة الحديثة وتقليل الهدر. وهذا لا يتم بقانون للعشائر ولا بالإسناد أو غيره بل بتضافر الجهود ووحدتها وتلعب المنظومة العشائرية دوراً ايجابياً وليس مجرد كم اجتماعي يتقلى المساعدة المزمنة من الحكومة لأغراض شتى. والأمن الغذائي هو الهدف المركزي الأول ثم تليه تنمية ريفيه حقيقية بإنتاج حيواني ونباتي وتتم إعادة هيكلة الريف على أسس علمية جديدة وقيادات اقتصادية لها مطالبها ومشاريعها وواجباتها. 

وحركتها السياسية بجدارة وليس مجرد ميراث ويعاد ارتباط الإنتاج بالقوى المنتخبة بشكل طبيعي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram